ولعمري، إن ما كان يفيده في هذه المقالة، غير ما استفاد منها بعدها، فإن ما تفيده هو أن التحصص، لا يعتبر أن يكون بالتقييد، كما نرى في التكوين، وإلا يلزم تقيد العلة بالمعلول في التأثير، وهو دور واضح. وهذا صحيح.
وأما ما استفاده منها: فهو أن هذا التحصص يحصل بالإضافة إلى المتأخر والمتقدم، ويكون هذا جاريا في الاعتباريات. وهذا غير صحيح جدا، كما عرفت تفصيله.
وأما من تصرف فيما هو الشرط فهم جماعة:
أحدهم: الفاضل الخبير صاحب " الفصول " (رحمه الله) فقال: " إن الشرط هو عنوان التعقب بالأغسال، أو الإجازة " (1).
وثانيهم: العلامة صاحب " الكفاية " (رحمه الله) فقال: إن الشرط هو الإضافة إلى المتأخر، فإن الأشياء تختلف حسب اختلافات الإضافة في الحسن والقبح، فلا منع من اتصاف المتقدم بالحسن إذا أضيف إلى المتأخر، فيكون سبب الحسن هي الإضافة إلى المتأخر، فما هو القرين مع المتقدم - وهو الإضافة - شرط (2). هذا هو ثمرة كلامه، وإن لا يخلو عباراته من التأسف. ولعل إليه يرجع كلام العلامة الأراكي (3) أيضا كما لا يخفى. كما أن هذا مأخوذ أيضا مما سبق من " الفصول " فلا تغفل.
وأنت خبير: بأن الإضافة الفعلية لا تحصل مع انعدام الطرف، فإن المتضايفين متكافئان وجودا وفعلية وقوة وهكذا. هذا مع أن الشرط هو الغسل والإجازة حسب الدليل.