قلنا: نعم، ولكن الغرض إفادة عدم إمكان ترشح الأمر الآخر إلى الضد، لامتناع الجمع، ولا شبهة في اعتبار القدرة في صحة التكليف، وهي حينئذ منتفية، فإذا أمر المولى بأداء الدين والإزالة، فلا يتمكن من الأمر بالصلاة، لأجل عدم تمكن العبد من الجمع، كما هو الظاهر.
بل لنا إجراء هذه الشبهة بالنسبة إلى ما كان معاملة، فإنها أيضا تفسد، لاحتياجها إلى إرادة التنفيذ، وهي لا يعقل ترشحها، ولذلك استشكلنا في المكاسب المحرمة في صحة بيع العبد المرتد الذي أوجب الله قتله، فإن إيجاب القتل والأمر بالإعدام، لا يجتمع مع إرادة جعل البيع صحيحا (1).
وتوهم: أنه يكفي عدم المنع للصحة (2) غير صحيح، لما تقرر من الحاجة إلى الإمضاء والرضا ولو كان بعدم الردع (3)، ففي صفحة نفس المولى لا بد من الإرادتين، وهما متنافيتان.
وإن شئت قلت: النهي عن البيع إيجاب لإبقاء عدمه، فلا يرى وجوده رأسا، وهذا ينافي إرادة جعل الصحة عليه، واعتباره صحيحا ونافذا.
فائدة: بناء على هذا تبين: أن الثمرة المزبورة لا تختص بصورة كون الضد عبادة، كما لا تختص بالضد الخاص، بل هي تأتي في المعاملة إذا كانت ضدا للمأمور به، وفي الضد العام إذا كان المأمور به أمرا عدميا، كما في قوله تعالى:
* (وذروا البيع) * (4) وقوله (عليه السلام): " دعي الصلاة... " (5).