إلى الثلاثة الأولى، ولا إلى الرابعة، لما تقرر أنها ليست حكما مجعولا شرعيا، فيتعين الخامس وهو المطلوب، فتأمل.
أو يقال: لا سبيل إلى الرابعة، لأن جعل الرخصة وترشح إرادة الترخيص، لا يجتمع مع أن الجاعل يجد عقله اللابدية العقلية ولزوم إتيانها، فالإباحة لا تجتمع مع لزوم تلك الإرادة في مقام العمل.
وفيه: أن جعل الإباحة إن كان بلحاظ درك العقل لزومه، فهو غير ممكن، ولا سبيل إليه. وإن كان بلحاظ عدم ترتب العقاب على فعله، فهو مما لا منع منه، ولا شبهة في أن جاعلها يريد الثاني.
فبالجملة: حسب الشرع تكون المقدمة بعناوينها الذاتية، ذات أحكام خاصة، وبعنوان " المقدمة " مباحة شرعا، فلا تخلط.
ومنها: ما في " الكفاية " وغيرها وهو وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات مولوية، ولا تكاد تتعلق تلك الأوامر الغيرية إلا لملاك في نفس المتعلقات، فهي بملاك التوقف، وهذا هو الملاك الساري في جميع مقدمات الواجبات، فيكون الكل مورد الأمر، أو الإرادة التفصيلية، أو الارتكازية (1).
وبذلك التقريب يندفع ما يتوجه إليه: من أنه إذا كانت إرادة ذي المقدمة علة، فلا بد لها من معلول موجود بالفعل، لا بالتقدير، فلا معنى لكون الإرادة الثانية تقديرية، وأنه لو التفت لأراد، فإن من الممكن أن يكون نظره إلى أنها ارتكازية دائما، وتصير تفصيلية عند الالتفات.