ويمكن أن يقال: بأن المراد من " الترشح " في كلامه ليس ما نسب إلى القائلين به، من استناد الإرادة الثانية إلى الأولى استناد المعلول إلى علته، بل معنى الترشح: هو أنه إذا كان المولى يريد شيئا، فعليه أن يريد مقدماته، للتوقف، فتكون الإرادة الثانية معلولة النفس كالأولى، وتكون الأولى من مبادئ وجودها، كما لا يخفى.
وأورد عليه السيد البروجردي (قدس سره): بأن الأوامر الغيرية المبرزة، ليست في الحقيقة وبالنظر الدقيق، إلا باعثة نحو المطلوب النفسي، ولا تعد تلك الأوامر أمرا حتى توصف ب " المولوية " بل هي مؤكدات للمطلوب الأصلي، ولذلك لا يعد إطاعات عند امتثال الأوامر الغيرية، ولا إطاعة واحدة، بناء على الموصلة (1)، انتهى ملخص ما أفاده بتفصيله ببيان منا.
وأنت خبير بما فيه، ضرورة أن كل واحد من الأمر المتعلق بالدخول في السوق، وباشتراء اللحم والشحم، بعث على حدة، وله المبادئ المستقلة، وله المواد الخاصة، فأين يعقل كون أحدهما عين الآخر؟!
وأما حصول التأكيد، فهو لا ينافي مولوية تلك الأوامر، بل مولويتها تؤكد كونها تأكيدا للمطلوب النفسي. وبشدة انس الذهن بالأوامر المولوية النفسية، لا يخطر بالبال كون الأوامر الغيرية مولوية، وكأنه يظهر في بادئ الأمر أن المولوي، ما يستتبع العقاب والعتاب، أو الثواب، مع أن من المولوي ما لا يترتب عليه شئ لأجل ذاته، بل لأجل الأمر الآخر المترتب عليه، يترتب عليه الأمور المطلوبة.
ثم إن العلامة المحشي الأصفهاني (قدس سره) أورد عليه: بأن الأوامر المتعلقة بالأجزاء والشرائط، ظاهرة في الإرشاد إلى الشرطية والجزئية.