الأسباب التوليدية، وهي إن كانت حاصلة فالإلقاء حاصل، وبعده الإحراق، وإن كانت غير حاصلة، فتكون داخلة في محط الوجوب الغيري، فالتصور المزبور غير ممكن تحققه خارجا، فإن بين الإلقاء والإحراق وإن لم يكن ترتب وجودي، لكونهما معا في الوجود، ولكن بين إرادة الإلقاء والإحراق ترتب وجودي، وتخالف في الوجود.
هذا، ولكن قد مضى منا: أن الإلقاء إذا كان في عالم العنوان غير الإحراق، يكون محط الأمر الغيري، وداخلا في مصب النزاع، ويكفي لذلك ترتبهما العقلي، فإنه صحيح أن يقال: " ألقاه فأحرقه " فلا تغفل.
والذي هو الجواب عن هذه العويصة: هو أن مسألة معروض الوجوب الغيري، مسألة عقلية صرفة، فلا بد من مداخلة العقل في ذلك، فيكون حسب إدراكه عنوان " الموصل " عند إرادة الفعل، أو عنوان " المنتهي إلى الواجب " معروضه، لا غير.
وأما مسألة اتصاف السير والخطوات ب " الموصلية إلى الواجب بالفعل " من أول وجودها، إذا كان بحسب الواقع ينتهي العبد بها إلى المطلوب النفسي - وبعبارة أخرى: مسألة تطبيق معروض الوجوب على الخارج - فهي ليست عقلية، بل هي عرفية وعقلائية، لأن معروض الوجوب الشرعي المستكشف بالعقل، عنوان من العناوين، كسائر العناوين المأخوذة في التشريعات النفسية والغيرية، فكما هناك متبع فهم العرف في اتصاف العمل الخارجي ب " الصلاة، والصوم، والوضوء، والغسل " كذلك الأمر هنا، فاتصاف هذه الخطوة ب " الموصلية " بنظر العرف، وهو بلا شبهة ناهض على ذلك:
إما لما يجد أن ذا المقدمة حاصل.
أو يجد بعد تحققه بقاء الخطوة في نظره العرفي، فيصح التوصيف.
والشاهد على هذه المقالة: عدم توجه أرباب الدقة والفضل إلى هذه