وإن كان يرى أن العقل، لا يتمكن من درك التلازم إلا بحسب الضرورة، وأنه لا معنى لإيجابها قبل إرادة ذيها، لأنه لغو، فيتوجه إليه: أنه بعد الإرادة أيضا لغو، لأنه إذا كان يريد الفعل، فتحصل في نفسه إرادة مقدمته طبعا وقهرا.
نعم، يمكن أن يقال: بأن الأمر الغيري، حسابه غير حساب الأمر النفسي، فإن النفسي من قبل المولى يتعلق بالصلاة، ويدعو إليها، ولا معنى لتضيقه وجودا، أي أن هذا الأمر موجود وباعث، سواء حصل الانبعاث، أم لا، بخلاف الأمر الغيري فإنه بحكم العقل، فلا يكون وجوده أوسع مما يدركه العقل، والذي هو الثابت عند ذلك، هو الأمر الغيري الباعث المنتهي إلى انبعاث العبد، لا الأعم، فيحصل فرق بينهما في الوجود سعة وضيقا.
بل الإرادة الغيرية، لا تترشح إلا في مورد يعلم المريد انبعاث العبد إلى المقدمة المطلقة، أو الموصلة.
فعلى هذا، لا يكون قول " المعالم " في عرض الأقوال الأخر في هذه المسألة، بل هو قول آخر في مسألة أخرى نبهنا عليها، وقد غفل عنه الأعلام طرا. وهذا الاحتمال الأخير، هو الظاهر من عبارة " المعالم " فراجع.
فبالجملة: يمكن دعوى أن " المعالم " أخذ مقالته من الكتاب العزيز، وهو قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * (1) فإن الظاهر منه أن وجوب الغسل، مشروط بإرادة إقامة الصلاة، ولا يستلزم مشروطية المقدمة مشروطية ذي المقدمة، إذا كان الشرط إرادة الصلاة، وكان هذا واجبا تحصيله بحسب العقل.
فما ترى في كتب القوم إشكالا عليه: " من أن الإرادة الغيرية مترشحة من