وأما إذا كان ذو المقدمة مطلقا، فقد نسب إلى " المعالم " اشتراط وجوبها بإرادة الفاعل إتيان ذي المقدمة (1).
ويتوجه إليه: أن هذا غير لائق به، لأن إرادة المقدمة ظل الإرادة الأصلية، فإذا كانت هي موجودة، فلا بد أن تترشح تلك الإرادة من إرادة ذي المقدمة إلى المقدمة قهرا وطبعا، ولا معنى لمشروطيته بإرادة الفاعل، لأن مناط الترشح وملاك الوجوب، هو التوقف، وهذا لا يتوقف على إرادته ذا المقدمة.
أقول: قد عرفت فيما مضى في مسألة المقدمات المفوتة: أن الملازمة بين ذي المقدمة والمقدمة وإن كانت تستلزم الإرادة الغيرية والمقدمية، ولكن لا منع عقلا من إيجاد الآمر إرادة مقدمية قبل تحقق شرط وجوب ذي المقدمة، فإذا كان يرى أن الصلاة مشروطة بالوقت والطهور، والمكلف قبل الوقت لا ينبعث نحو الطهور، وتفوت مصلحة الصلاة في الوقت، فيريد الطهور بإرادة مستقلة غيرية ناشئة عن الملاك، لا الإرادة الفعلية، فيمكن أن توجد الإرادة الفعلية المقدمية، قبل تحقق شرط ذي المقدمة (2).
نعم، لا تكون هي مترشحة وظلا لتلك الإرادة، كما لا يعقل ذلك مطلقا، وسيظهر وجهه تفصيلا، وقد تقدم إجماله (3).
وأما ما أفاده " المعالم " فإن كان يثبت الملازمة العقلية بين ذي المقدمة وإرادته بمناط التوقف، فلا يرجع كلامه إلى معنى معقول، لما أشير إليه.
وإن كان يرى أن التوقف، يكون في حال إرادة ذي المقدمة، فهو أيضا واضح المنع.