عليه، فيتعلق بالذوات، لأنها مما يتوقف عليها، وبعباديتها، لأنها أيضا كذلك، ولا يكون منحصرا في تعلقه بما هو العلة التامة، أو العلة الناقصة الكاملة، كالوضوء العبادي، بل يتعلق بكل جزء جزء، فلا تغفل.
وإن شئت قلت: الأمر الغيري واحد، يتعلق بالعنوان الواحد من غير انحلال.
وأما ما مر منا سابقا: من إمكان الالتزام بالتزاحم، وبعدم حدوث الأمر الثالث المتوهم في كلمات العلامة النائيني (رحمه الله) كما عرفت (1)، فهو يصح على القول بالملازمة العقلائية، دون العقلية، فإنه على الثاني لا يعقل الإهمال، فلا بد من الالتزام بانتفاء الأمر النفسي، وتعلق الأمر الغيري.
اللهم إلا أن يقال: بتعارض دليل الاستحباب النفسي، والوجوب النفسي لذي المقدمة، فافهم واغتنم.
وبعبارة أخرى: تقع المعارضة بالعرض بين الدليلين، للعلم بعدم إمكان الجمع بينهما من الخارج، كما هو الظاهر.
ومن هنا يظهر وجه صحة الإتيان بالطهارات الثلاث بعد دخول الوقت للأمر النفسي والغيري ولو كان غافلا عنهما، وأتى بها لأجل إدراكه أن المطلوب والمحبوب لا يتم إلا بها فتصح أيضا، فمن كان معتقدا بعدم وجوب المقدمة غيريا، وبعدم استحباب الطهارات الثلاث نفسيا، يمكن أن يكون معتقدا بأنها مقدمات عبادية، فيأتي بها على هذا الوجه، وتصير صحيحة وعبادة مقربة.
تذنيب: لا شبهة في دخول مقدمات الواجب النفسي في محط النزاع ومصب البحث في باب المقدمة، وإنما الإشكال فيما إذا ورد في الدليل الشرعي، الأمر الغيري، كقوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * (2) فهل هذا الأمر