وفيما نحن فيه استكشفنا صلاحية الطهارات الثلاث لذلك من الاجماع والأدلة الخاصة مثلا، فإذا انبعث العبد من الأمر الغيري نحوها، فلا يكون هذا الانبعاث مضرا بعباديتها، إن لم يكن مؤكدا لها، وكانبعاث تارك الصلاة من أمر الآمر بالمعروف نحوها، فإنه لا يضر بعباديتها، وإلا يلزم كونه أمرا بالمنكر، لا بالمعروف كما لا يخفى.
فلو كانت عبادية الطهارات الثلاث بالأوامر الغيرية، يلزم الإشكال المزبور، وإلا فلا إشكال من رأس.
ثم إن هنا أجوبة أخرى حلا للإعضال السابق، لا خير في التعرض لها، ولكن نشير إليها إجمالا:
الأول: ما عرفت من العلامة النائيني في الناحية الأولى من الفعل والانفعال المتخيلين بين الأمر النفسي والغيري (1)، وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه (2)، مع أنه لا بأس بالالتزام بسقوط الأمرين: النفسي، والغيري، وإبقاء المطلوبية الذاتية الكافية للعبادية.
والثاني: أيضا منه، وهو من الغرائب، ظنا أن المقدمات الداخلية والخارجية، مورد الأوامر الضمنية النفسية (3)، وقد مر ما فيه بناء ومبنى، وأن الأوامر الضمنية مما لا أساس لها حتى في الداخلية، فضلا عن الخارجية (4).
والثالث: أن الأمر الغيري إذا كان باعثا نحو الشئ، ويكون المكلف منبعثا به نحو المقدمة، يكون عباديا، لأن المراد من العبادية ليست إلا الامتثال، فإذن يحصل