فبالجملة: إذا كان المقدمات الداخلية والخارجية، مشتركة في الوجوب الغيري، فلا بد من الاحتياط قطعا.
أقول: والذي هو الحق أن وجه جريان البراءة في الأقل والأكثر، والاشتغال بالنسبة إلى الأقل، أن حجة المولى بالنسبة إلى الأقل تامة، وهي الأجزاء المسماة ب " الصلاة " مثلا، ولا يكون الوجوب مرددا بين النفسي والغيري، لما يأتي من أن الوجوب الغيري، لا يتم لا بالنسبة إلى المقدمات الداخلية، ولا الخارجية (1)، بل الأمر دائر بين كون بقية الأجزاء واجبة، أو غير واجبة، ولكن لما كانت بقية الأجزاء مورد الأمر، فلا معنى للقعود عن الوظيفة، باحتمال عدم الوجوب، وإن كان الأمر لا إطلاق له، كما هو المفروض في بحث الأقل والأكثر، فافهم واغتنم جيدا.
وهذا الوجه لا يجري في المقام، لأن غسل الجمعة مردد بين كونه واجبا نفسيا متعلق الأمر، وواجبا غيريا لا يتعلق به الأمر الشرعي، بل هو واجب عقلي محض، فعند ذلك لا تتم حجة المولى بالنسبة إليه. وعلى هذا يصح التفصيل بين ما إذا قلنا بوجوب المقدمات الخارجية وجوبا شرعيا، وبين وجوبها العقلي، فعلى الأول يأتي الوجه المزبور، ولا يتم الإشكالات المترائية من تلاميذه موردين عليه (قدس سره) (2).
وعلى المسلك المنصور تجري البراءة هنا، لا في الأقل والأكثر.
ثم إن هاهنا صورا اخر تظهر أحكامها خلال النظر فيما سبق، والإيجاز المخل أولى من الإطناب الممل، فافهم وتأمل.