الصورة الثانية: إذا تردد الوجوب بين النفسي والغيري، وعلى تقدير كونه واجبا غيريا وشرطا للصحة بالنسبة إلى المعنى الآخر، لا يكون ذلك النفسي الآخر واجبا بالفعل، بل هو محتمل الوجوب، كغسل الجمعة بالنسبة إلى صلاة الجمعة في عصر الغيبة، فإنه لا وجه لإيجاب ما تردد أمره، فلا يكون الغسل واجبا.
وهذا يجتمع مع احتمال حرمة ذلك الأمر النفسي المحتمل وجوبه، بل يجتمع مع تمامية الحجة بالنسبة إلى حرمته، فإن احتمال الوجوب سار، فلا تغفل.
الصورة الثالثة: في المثال المزبور يتردد في الوجوب النفسي والغيري، ولكنه على تقدير كونه غيريا بالنسبة إلى صلاة الجمعة، لا تكون الصلاة واجبة فعلا، بل هو واجب مشروط غير موجود شرطه، أي شرط الهيئة.
وهذا تارة: يكون شرطه غير حاصل، كما في الصورة الأولى، وقد عرفت حكمها.
وأخرى: يكون شرطه ممكن الحصول، فالأمر كما حرر، لأنه إذا شك في تحقق الشرط للوجوب في الواجب النفسي، يشك في فعلية الوجوب بالنسبة ما تردد فيه، وهو غسل الجمعة.
مثلا: إذا تردد في وجوب الطواف عليه نفسيا أو غيريا، ولكنه غيري بالنسبة إلى الحج الذي وجوبه مشروط بالاستطاعة التي ليست حاصلة فعلا، ولكنها يمكن أن تحصل، فإنه لا يجب عليه الطواف بالضرورة. وإرجاع العلم الاجمالي المزبور إلى أنه يعلم بوجوب الطواف أو الحج المتقيد بالطواف لا يفي، لأن أحد طرفي العلم إذا كان وجود به مشروطا، لا يورث التنجيز في الطرف الآخر بالبداهة.
وثالثة: يعلم بتحقق الشرط، فعند ذلك تختلف المسالك، فعلى ما سلكه القوم لا بد من الاحتياط، لأنه يرجع إلى العلم الاجمالي في التدريجيات، وهو أن المعلوم بالإجمال، مردد بين كونه غسل الجمعة، أو صلاة الجمعة مع الغسل، ويكون على