البعث، حتى يقال: بأن البعث مطلقا لا يكون علة الانبعاث، بل الانبعاث معلول المبادئ الاخر النفسانية، وفي صورة العصيان وترك الطاعة، يلزم أن لا يكون بعث، بل باعثية الهيئة لا بد وأن تكون من قبل المولى، بالغة إلى حد الفعلية، ولا يكون هناك حالة انتظارية من قبل القانون، كما في الوجوب المشروط.
وما نحن فيه تقصر الهيئة عن إفادة البعث، لأخذ القضية حينية، فالقضية الحينية ترجع إلى الشرطية حسب الاستعمال، فلا يتصور البعث الفعلي هنا، لأنه إذا كان البعث فعليا في الوجوب المعلق، فلا بد وأن ينبعث العبد نحو المادة، إذا كان شرائط الانبعاث في نفس المخاطب موجودة، مع أنه لا ينبعث نحو المطلوب ولو كان المخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهذه الشبهة لا تختص بمسلكنا في الوجوب المشروط، بل يشترك فيها الجمهور أيضا، لأنه إذا كان مفاد الهيئة بعثا فعليا غير مشروط واقعا، فلأية جهة لا ينبعث نحو المادة المخاطب والمكلف المنقاد لمولاه، وهل هذا إلا لأنه ليس بعثا فعليا، بل مشروط؟!
وهذا من غير فرق بين كون القضايا حقيقية، أو خارجية، أو شخصية، فلا يتصور البعث الفعلي وإن كانت الإرادة فعلية، والطلب فعليا بحسب اللب والثبوت.
أقول: أما الشبهة فيمكن الذب عنها على مسلك من يقول: باستعمالها في البعث الفعلي نحو المتأخر، ولا يلزم من ذلك قصور في مفاد الهيئة، ولا كونها موضوعة لأمر كلي عام، أو أن الموضوع له عام وكلي، وهكذا المستعمل فيه، وذلك لأن القيد المأخوذ في القضية الشرطية قيد البعث، ويصير لأجله وجوبا مشروطا، والقيد المأخوذ في القضية الحينية قيد الانبعاث، فيكون البعث مطلقا وفعليا.
وأما عدم انبعاث المكلف عقيب هذا البعث الفعلي، فلعدم تحقق ذاك الحين،