فعلى ما تقرر، يجوز كون الوجوب فعليا، والواجب استقباليا. بل يجب أن يكون جميع القوانين هكذا، فإن المولى يريد في الأزل بعث العباد فيما لا يزال. بل جميع القوانين الإلهية لا بد وأن تكون بحسب الثبوت - كما تقرر منا في الوجوب المشروط (1) - هكذا، وإلا يلزم حدوث الإرادة فيه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فبالجملة: جميع القوانين الإلهية من الواجبات المعلقة، لأن الإرادة التقنينية من شعب الإرادة التكوينية، فلا يتخلف المراد عن الإرادة، لأنها تعلقت بهذه الكيفية، وليست الإرادة الأزلية متعلقة بقوانين الاسلام على سبيل الإبداع، حتى يوجد قانون الاسلام في أفق آخر، أو في زمان متقدم على العصر المتأخر. وهذا أيضا برهان آخر.
نعم، يحصل الفرق بين المطلق والمعلق في الخصوصيات، فإذا أراد الصلاة من العبد بالإرادة الأزلية فيما لا يزال، وفي أفق الحوادث والزمانيات، وتحقق العبد البالغ ووجه في الخارج، فعليه إتيان الصلاة من غير انتظار، وإذا أراد بتلك الإرادة من البالغ الحج عند الاستطاعة، فبعد ما يوجد المكلف في عمود الزمان لا يجب عليه الحج، لحالة انتظارية للحج، وهي الاستطاعة.
وأما الوجوب المشروط فهو ثبوتا معلق، وإثباتا - بحسب الآثار واللوازم - مشروط ادعاء، لا مشروط واقعا ولبا.
وعندما تبين ذلك، ظهر عدم الفرق بين القيد الاختياري، وغير الاختياري في الوجوب المعلق، ضرورة إمكان تشكيل القضية الحينية من القيدين، فيقال: " صل حين الزوال " أو يقال: " حج حين الاستطاعة ".
وأما ما أفاده العلامة الخراساني (رحمه الله): من عدم الفرق بين المعلق والمنجز في الأثر، لأن المعلق وجوبه فعلي، وهو مشترك مع المنجز في تلك الجهة، وأثرهما