والذي هو التحقيق: أن كل ذلك في غير محله، لجهة من الجهات:
أما إنكار أساس البحث والتقسيم، فهو في محله، ولكن ذلك لا يورث رفع الغائلة، واندفاع ما قيل في مقام الترجيح، لأنه لا يرجع إلى إنكار الإطلاق الشمولي والبدلي حتى مع دلالة الدليل الآخر، ضرورة أن قوله تعالى: * (أحل الله البيع) * (1) شمولي، لما يفهم من مناسبات خارجة عن دلالة ألفاظ الكتاب، وقوله " أكرم العالم " بدلي أيضا بلا شبهة، من غير دلالة من اللفظ عليه، بل هو أيضا يفهم من الخارج.
فإذا ثبت أن الشمولية والبدلية، ليست من تقسيمات الإطلاق، كما في العموم، ولكن يكون المطلقات بدلية وشمولية، لمناسبات اخر ودلالات أخرى، فلنا أن نقول: إن إطلاق الهيئة شمولي، والمادة بدلي، لتلك المناسبات، فإنكار تقسيمه الذاتي إليهما، لا يستلزم عدم كون المطلقات - بجهات اخر - بدلية وشمولية، فإذن لا بد من إنكار الجهات الاخر، حتى يتوجه الإشكال إلى التقريب المزبور. هذا ما يتوجه إلى النظرة الأولى.
وأما ما يتوجه إلى النظرة الثانية: فهو أن مقدمات الحكمة تقوم مقام أداة العموم، فإن قامت مقام أداة العموم الشمولي، فهي مثلها في أحكامها العقلائية، لصيرورة القضية بها قضية حقيقية منحلة إلى قضايا كثيرة غير متناهية عرضا.
وإن قامت مقام أداة العموم البدلي - كلفظة " أي " مثلا، ويرادفها في الفارسية (هر كدام) - فهي مثلها في ذلك، لانحلالها إلى القضايا الكثيرة طولا، فيقدم الأول على الثاني في المعارضة، كما يقدم العموم الشمولي على البدلي، على ما عرفت تقريبه، ففيما نحن فيه يقدم مفاد الهيئة على المادة، لعين ما عرفت في الدليلين المنفصلين.
وأما ما يتوجه إلى النظرة الثالثة: فهو أنه قد خلط بين المعارضة والتعارض