حصول العلقة الوضعية بين أن يكون في زمانه (صلى الله عليه وآله)، فتحمل الألفاظ المستعملة بعد حصولها على المعاني وبين أن يكون في زمان الأئمة فيحمل الألفاظ الصادرة عنهم في مقام بيان الأحكام عليها، سواء سميناها حقيقة شرعية بأن قلنا بأن الشارع أعم كما هو الحق عندنا، وقلنا بأنها حقيقة متشرعة كما هو مختار العامة، إذ ليس الأمر دائرا مدار التسمية، بل المناط صدور اللفظ الصادر في مقام بيان الحكم عن صيرورتها حقيقة في تلك المعاني المحدثة المخترعة، فتأمل.
ولا فرق في ذلك بين القول بثبوت العلقة الوضعية بالوضع التعييني بالمعنى المذكور وبين القول بثبوتها بالوضع التعيني الناشى من كثرة الاستعمال.
والحاصل: أنه لا يبعد القول بصيرورة الألفاظ الكثيرة الدوران حقائق في تلك المعاني المحدثة بالوضع التعييني بالنحو المذكور، كصيرورة الألفاظ التي اصطلحوا عليها أرباب الفنون والعلوم، بل الأشخاص المعينين منهم بأن استعملوا تلك الألفاظ في المعاني المصطلحة عليها بقصد ايجاد العلقة الوضعية بينها وبين هذه المعاني، ولكن كون هذا الاستعمال ايجادا للعلقة الوضعية خارجا يحتاج إلى قرينة فقد تكون القرينة حالية أو مقالية متصلة بهذا الاستعمال، فيفهم منها أن هذا الاستعمال استعمال حقيقي وفي الموضوع له، ويفهم المعنى من نفس اللفظ لا من القرينة كما في قرينة المجاز.
وقد تكون القرينة منفصلة كتكرر الاستعمال الدال على أن الاستعمال الأول كان ايجادا للوضع المتأخر عنه. ولا يخفى ما فيه، وعلى تقدير تماميته فرق في ترتب الثمرة بينه وبين الوضع التعيني كالفرق بين الكشف والنقل.
ولو أغمضنا عن صيرورتها حقائق بالوضع التعييني، فالظاهر أنه لا إشكال في حصول الوضع التعيني في الألفاظ الكثيرة الدوران بعد مضي مدة قليلة من أوائل البعثة فضلا عن حصوله في أواخر زمانه (صلى الله عليه وآله) فضلا عن زمن الأئمة سيما الصادقين، وهو يكفي في ترتب الثمرة المذكورة سواء سمينا ما حصل الوضع فيه في زمن الأئمة حقيقة شرعية - كما هو الحق عندنا - أو خصصنا الحقيقة الشرعية