يكشف عن رضا المعصوم.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن النزاع في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه إنما هو في السلب الكلي والايجاب الجزئي، بمعنى أن المنكر يقول: لم تثبت الحقيقة الشرعية في شيء من الألفاظ وفي شيء من الأزمنة، والمدعي يقول بثبوته في الجملة، وجعل النزاع في السلب الكلي والإيجاب الكلي بضم بعض القيود إلى محل النزاع بأن يجعل النزاع في الألفاظ الكثيرة الدوران في بعض الأزمنة مثلا تعسف لا حاجة إليه.
ثم إنهم جعلوا النزاع في الثبوت وعدمه إنما هو في الوضع التعيني الحاصل من كثرة الاستعمال لا الوضع التعييني بداهة القطع بدعوى فساد القول بثبوت الحقيقة الشرعية الحاصلة من الوضع التعييني، إذ لو صدر الوضع التعييني من الشارع بأن قال: وضعت لفظ الصلاة للأركان المخصوصة والصوم للإمساك المخصوص وهكذا لوصل إلينا، لأنه من الأمور التي تعم بها البلوى فمن عدم الوصول نستكشف بطريق القطع أنه ما صدر الوضع التعييني منه (صلى الله عليه وآله) بأن صعد المنبر يوما وقال: وضعت هذا لذاك وهكذا، فالنزاع ليس في الوضع التعييني، بل إنما هو في الوضع التعيني.
وفيه: أما أولا: فلأن دعوى القطع بعدم صدور الوضع التعييني منه (صلى الله عليه وآله) يمكن منعه بالنسبة إلى بعض الألفاظ، بل يمكن أن يكون قوله: " الوضوء غسلتان ومسحتان " (1) في مقام الوضع، وهكذا أمثاله.
وثانيا: أنه لو سلمنا ذلك فإنما يلزم انحصار محل النزاع في الوضع التعييني لو كان الوضع التعييني منحصرا بالإنشاء القولي، وأما لو قلنا بأن الوضع التعييني كما يحصل بالإنشاء القولي كذلك يحصل بالفعل، بأن يستعمل اللفظ في المعنى قاصدا وضعه له بذلك وأقام القرينة على أن المراد من ذلك وضعه له كما قلنا في المعاطاة:
إن النزاع في مسألة المعاطاة في أنه كما يمكن ايجاد البيع بإنشاء مفهومه بالصيغة