الرابع: الأخبار الدالة على عدم حجية خبر الواحد، ومضامين هذه الأخبار مختلفة، فمنها ما يدل على طرح الخبر الغير المعلوم صدوره (1)، ومنها ما يدل على طرح الخبر الذي لم يكن عليه شاهد أو شاهدان من كتاب الله (2)، ومنها ما يدل على طرح الخبر الذي لم يكن موافقا له (3)، ومنها ما يدل على طرح ما كان مخالفا (4)، فلو أريد الاستدلال بكل واحد من هذه الأخبار على عدم حجية خبر الواحد كان استدلالا بخبر الواحد على عدم حجية خبر الواحد، ويلزم من وجوده عدمه. ولو أريد الاستدلال بمجموع هذه الأخبار وإن لم يلزم المحذور المذكور، لأن هذه الأخبار وإن لم تكن متواترة لفظا كقوله: " إنما الأعمال بالنيات " (5) ولا متواترة معنى، لعدم جامع لها إلا أنها متواترة إجمالا بمعنى أنا نقطع بوجود صادر من هذه الأخبار عن المعصوم، فلو كانت الاخبار المتواترة إجمالا متباينة لا يمكن الأخذ بمضمون واحد منها بالخصوص، ولكن بالنسبة إلى نفي الغير لا مانع من الأخذ بها لاشتراكها في نفيه. وأما لو كانت بين مضامينها أعميه وأخصية يجب الأخذ بأخصها مضمونا، إذ نقطع إما بصدور الأخص أو الأعم.
وعلى كل حال مضمون الأخص قطعي، ففي المقام أعم هذه الأخبار مضمونا هو الخبر الغير المعلوم صدوره، وأخص منه هو الخبر [الذي] لم يوافق كتاب الله، وأخص منه الخبر الذي يكون مخالفا. فأخص تلك الطوائف الثلاث بعد إرجاع غير الموافق إلى المخالف كما سيجيء في باب التعادل الخبر المخالف لكتاب الله، فالتمسك بهذه الأخبار لا يدل إلا على عدم حجية خبر المخالف لكتاب الله، وهو أخص من المدعى، مع أنه يمكن حملها على صورة تعارض الخبرين لا مطلقا كما