المقتضي وهو العنوان الكلي الجامع لما كان متحققا فيهما وهو المناط في صدق الناقضية والمنقوضية فلا إشكال في جريان الاستصحاب.
ولذا لم يفصل شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) في حجية الاستصحاب بين الأحكام الكلية والجزئية، ولكن فصل بين الشك في المقتضي والرافع فهذا التفصيل منه (قدس سره) اختيار، لأن المناط في صدقهما هو وجود المقتضي وعدمه لا اتحاد القضيتين.
ثم إن الاستصحاب هل يجري في الأحكام العقلية أم لا؟ والكلام فيه تارة في أن الاستصحاب هل يجري في نفس الأحكام العقلية أم لا؟ فالكلام فيه سيأتي إن شاء الله، وأخرى أن الاستصحاب هل يجري في الأحكام الشرعية المستفادة من الأدلة العقلية كما يجري في الأحكام الشرعية المستفادة من الأدلة اللفظية أم لا؟
والكلام الآن في الأخير فقد يقال بالفرق بين الأحكام الشرعية المستفادة من الحكم العقلي والأحكام الشرعية المستفادة من الأدلة اللفظية وعدم جريان الاستصحاب في الأولى دون الثانية، وذلك لأن كل حكم لابد له من موضوع ومناط كما في " أقيموا الصلاة " فإن الموضوع فيه هي الصلاة والمناط هو النهي عن الفحشاء، وكما في " لا تشرب الخمر " فإن الموضوع هو شرب الخمر والمناط هو الاسكار، ففي الأحكام المستفادة من الأدلة اللفظية لما جعل الشارع موضوع الحكم غير ما هو مناطه ولم يتعرض لما هو المناط غالبا ولا ندري أنه أي شيء، وإن كان في بعض الأحكام علله به كما في شرب الخمر حيث علل بالإسكار أو جعله نفس المناط وأرجع الأمر في تطبيقه إلى اعتقاد المكلف كما في باب الضرر، فبعد إحراز الموضوع ولو بالمسامحة العرفية يجوز لنا التمسك بالاستصحاب لإثبات الحكم في حال الشك، لأن الغرض أن الموضوع باق ولو بالمسامحة، والمناط لما كان غير معلوم يحتمل بقاؤه في هذه الحالة فلا مانع من جريان الاستصحاب بخلاف الأحكام الشرعية المستفادة من الأدلة العقلية، لأن الموضوع والمناط فيهما شيء واحد، فما هو المناط فيها عين الموضوع فإن كان