لأن الظن الخارجي على خلاف الرواية لا يوجب صيرورة الرواية غير مظنون الصدور أو موثوق الصدور الذي هو ملاك الحجية كما لا يخفى.
وأما كونه موهنا لها دلالة فكذلك يفصل بين الظن الحاصل من شهرة فيوهن، لأن انعقاد الشهرة على خلاف مقتضى ظاهر الرواية يكشف عن وجود قرينة وجدها المشهور على خلافه، بخلاف الظن الحاصل من غيرها. فلو كانت الرواية قطعية من جهة السند كالرواية المتواترة أو المحفوفة بالقرائن القطعية وكانت ظاهرة دلالتها وكان الظن على خلاف ظاهرها، فإن كان الظن حاصلا من الشهرة فيكشف عن وجود قرينة على خلاف الظاهر، وإن كان حاصلا من غيرها لا يوجب، إذ لافرق من هذه الجهة بين كون الرواية قطعية من حيث السند أو ظنية، كما لا يخفى.
وأما كونه مرجحا، فإن قلنا بالترجيح بمطلق المزية كما يظهر من كلام الشيخ (قدس سره) فالظاهر أنه يمكن ترجيح احدى الروايتين على الأخرى بمطلق الظن الحاصل على طبق إحداهما، وإن اقتصرنا في الترجيح على المرجحات المنصوصة - كما هو الحق - فيفصل بين الظن الحاصل من الشهرة فيرجح به لكشفه عن وجود المرجح المنصوص فيما إذا أحرز أن بناء المشهور على الاقتصار على المرجحات المنصوصة بخلاف الظن الحاصل من غيرها فلا يرجح به، بل يكونان متكافئين ولابد من الحكم التخيير أو التساقط كما قرر في محله. هذا كله في الظن الذي لم يقم دليل على عدم اعتباره.
وأما الظن الذي قام الدليل على عدم اعتباره كالظن القياسي فلا يصلح أن يكون لا جابرا ولا موهنا ولا مرجحا، لأن الجبر والوهن والترجيح به نوع استعمال له في الشريعة، والحال أنه ممنوع مطلقا.