يكفي في الحمل على المعنى اللغوي، وأما لو انعكس الأمر بأن كان تاريخ الوضع معلوما وتاريخ الاستعمال غير معلوم لا يمكن حمله على المعنى الشرعي، لأن أصالة عدم الاستعمال إلى زمان الوضع لا تثبت تأخر الاستعمال عن الوضع الذي هو موضوع ذلك الأثر، أي الحمل على المعنى الشرعي بخلاف الصورة السابقة، فإن أصالة عدم الوضع إلى زمان الاستعمال تكفي في الحمل على المعنى اللغوي، ولا يحتاج ترتب ذلك الأثر إلى إثبات كون الوضع بعد الاستعمال حتى يلزم كون الأصل مثبتا.
وأما إذا كانا مجهولي التاريخ فيمكن أن يقال بأنهما من قبيل أصلين عمليين:
أحدهما له أثر والآخر بلا أثر، فيجري ما له الأثر ويسقط الآخر، فإن أصالة عدم الوضع إلى زمان الواقعي الذي وقع فيه الاستعمال لها أثر وهو الحمل على المعنى اللغوي بخلاف العكس وهو أصالة عدم الاستعمال إلى زمان الوضع، فإنه لا يثبت ما هو موضوع الأثر وتأخر الاستعمال عن الوضع إلا على القول بالأصل المثبت.
فتحصل: أنه بناء على عدم القول بالوضع والحقيقة الشرعية إذا صدر اللفظ من الشارع لابد من حمله على معناه اللغوي إلا أن يقيم القرينة على إرادة المعنى الشرعي.
وأما بناء على القول بالوضع والحقيقة الشرعية، فإن قلنا بصيرورة تلك الألفاظ حقائق في هذه المعاني الشرعية المخترعة بالوضع التعيني الناشئ من كثرة الاستعمال فلا إشكال في حملها على معانيها اللغوية لو استعملت قبل شهرة استعمالها في هذه المعاني، إلا أن يقوم قرينة على إرادة المعاني الشرعية، وأما لو كان استعمالها بعد حصول الشهرة فهل تحمل على المعاني اللغوية، أو على المجاز المشهور وهو المعنى الشرعي، أو يتوقف؟
ففيه خلاف، وقد عرفت منشأ الأقوال والخلاف، وقد عرفت أيضا حكم صورة العلم بتاريخ الوضع والاستعمال، والجهل بتاريخ كليهما والجهل بأحدهما دون الآخر، وإن قلنا بصيرورتها حقائق في تلك المعاني بالوضع التعييني لا