فصل إثبات الحكم للموضوع المغيى بغاية هل يقتضي انتفاؤه عما بعد الغاية بحيث لو دل دليل على ثبوته فيما بعد الغاية يكون معارضا مع هذا المفهوم أو لا يدل، بل يكون ما بعد الغاية مسكوتا عنه؟ وإذا دل دليل على ثبوته فيه يجب الأخذ به، ولا مانع عنه فهنا مقامان:
أحدهما: تشخيص المنطوق وهو أن الغاية هل هي داخلة في المغيى ويشمله الحكم الثابت للمغيى أم لا؟
والثاني: في تشخيص المفهوم وهو أن الحكم الثابت للمغيى هل ينتفي عما بعد الغاية أم لا؟
أما المقام الأول: وهو أن الغاية داخلة في المغيى أم لا، والظاهر أن هذا النزاع لا يختص بالغاية، بل يجري في المبتدأ أيضا، فكما يمكن النزاع في مثل: سر من الكوفة إلى البصرة في أن البصرة داخلة في المغيى أم لا، فكذلك يمكن النزاع في أن الكوفة داخلة أم لا. ولكن لا يخفى أن النزاع في دخول الغاية أو المبتدأ وعدم دخولهما إنما هو فيما إذا كانت الغاية أو البداية مركبا ذا أجزاء، وإلا فلا معنى للنزاع كما لو قال: " صم من الطلوع إلى الغروب " فإنه لا معنى للنزاع في أن الطلوع أو الغروب داخل أو خارج، إذ هو أمر آني، ولا فرق فيما إذا كانت الغاية أو البداية ذات أجزاء بين كونها زمانا: كصم من يوم الجمعة إلى يوم كذا أو شهر كذا أو مكانا كسر من البصرة إلى الكوفة أو غيرهما.