الأحكام بالأفراد في تلك المسألة، بل يجري على كلا القولين، ولذا ذهب الأكثر إلى القول بالامتناع مع أنهم قائلون بتعلق الأحكام بالطبائع.
التاسع: في أنه لا يخفى أن الحكم قد يكون اقتضائيا وقد يكون فعليا. والمراد بالحكم الاقتضائي في المقام ما جعل للشيء في حد نفسه مع قطع النظر عن الطوارىء والعوارض وصار المولى بصدد تحصيله.
والمراد بالحكم الفعلي ما جعل للشيء بملاحظة جميع الطوارىء والعوارض وصار المولى أيضا بصدد تحصيله وبلغه إلى العباد، بخلاف مقام الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي حيث يقولون: إن الحكم الواقعي اقتضائي والحكم الظاهري فعلي، فإن المراد من الاقتضاء في ذلك المقام هو كون الشيء ذا مصلحة موجبة لجعل الحكم على طبقها وتحصيله من العباد لو لا الموانع، ولكن من جهة الموانع ما حصله وما بلغه إلى العباد والمراد بالفعلي ما حصله منهم وبلغه إليهم، فالاقتضائية والفعلية في هذا المقام غير الاقتضائية والفعلية في ذلك المقام.
إذا عرفت هذا، فاعلم أنه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلا إذا كان في كل واحد من متعلقي الايجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد التصادق كي يحكم على الجواز بكونه محكوما فعلا بحكمين، وعلى الامتناع كونه محكوما بأقوى المناطين، أو بحكم آخر لو لم يكن أحدهما أقوى، وأما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من باب الاجتماع ولا يكون مورد الاجتماع إلا محكوما بأحد الحكمين إذا كان مناطه أو بحكم آخر غيرهما لو لم يكن لأحدهما مناط قيل بالجواز أو الامتناع، هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بحسب الدلالة ومقام الاثبات فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان، إذا أحرز أن المناط من قبيل الثاني فلابد من عمل المعارضة حينئذ بينهما من الترجيح أو التخيير، وإلا فلا تعارض في البين، بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين، فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا، لكونه أقوى مناطا. فلا مجال حينئذ لمرجحات باب الرواية، بل لابد من ملاحظة مرجحات باب التزاحم. نعم لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض، فلابد