ووجوب قبول قول غيرهم من الرواة بعدم القول بالفصل، فهو وإن كان مربوطا بالمقام ومثبتا للمدعى، وهو كون خبر العادل حجة مطلقا، سواء كان من أهل الذكر والعلم أم لا؟ وسواء كان مسبوقا بالسؤال أم لا؟
إلا أن ظاهر الآية خلافه، لأن الظاهر من قوله: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) هو وجوب السؤال ليحصل العلم لا التعبد بالجواب وإن لم يحصل العلم كما هو المدعى.
وإن كان المراد من أهل الذكر علماء أهل الكتاب، والمراد بالسؤال هو السؤال عن آيات النبوة فالأمر أظهر، لأنه لا يمكن التعبد بالجواب، ويتعين أن يكون المراد هو وجوب السؤال لتحصيل العلم لا التعبد بالجواب، إذ لا يمكن التعبد بغير العلم في أصول الدين.
ومنها: آية الأذن وهي قوله تعالى: ﴿ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين﴾ (1).
وتقريب الاستدلال بها أنه تعالى مدح نبيه (صلى الله عليه وآله) بأنه يصدق المؤمنين، وقرن تصديقهم بتصديقه، فيستفاد منه أمر مطلوب.
وفيه: أولا: أنه مدحه بأنه أذن وهو سريع القطع لا الآخذ بقول الغير تعبدا، كما هو المدعى.
وثانيا: أن المراد بتصديقه المؤمنين هو ترتيب الآثار التي تنفعهم ولا تضر غيرهم لا التصديق بترتيب جميع الآثار، كما هو المدعى في باب حجية خبر الواحد. ويظهر ذلك من تصديقه للنمام بأنه ما نمه وتصديقه لله بأنه نمه، كما هو المراد من التصديق في قوله (عليه السلام) فصدقه وكذبهم، حيث قال - على ما في الخبر - يا أبا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة أنه قال قولا وقال: لم أقله فصدقه وكذبهم (2).