بالامتناع - هو النهي الفعلي لا آثار النهي من المعصية والمبغوضية. وإن قلنا بأن الخروج مأمور به وليس منهيا عنه أصلا لا بالنهي الفعلي ولا بالنهي السابق فلا إشكال في صحة الصلاة الواقعة في حال الخروج. وإن قلنا بأنه ليس مأمورا به ولا منهيا عنه فكذلك أيضا، إذ المناط في صحة الصلاة الواقعة في حال الخروج إباحة الحركة الخروجية المتحدة معها، سواء كانت مأمورا بها أم لا، وسواء كانت الإباحة بحكم الشارع أو بإذن المالك، فتأمل.
ثم لا يخفى أن الاضطرار إلى شرب الخمر وسائر المحرمات من جهة العلاج ودفع الضرر ليس كالاضطرار إلى الخروج من الأرض المغصوبة، إذ في الاضطرار إلى شرب الخمر يمكن للشارع منع المكلف عن شربها ولو كان في تركه ضرر على المكلف بخلاف الاضطرار إلى الخروج فإنه لا يمكن منعه عنه. وبعبارة أخرى أن الاضطرار إلى شرب الخمر عبارة عن دفع الضرر به باختياره فيمكن انقسامه إلى الأحكام الخمسة، إذ يمكن للشارع منع المكلف عن شرب الخمر ولو أدى تركه إلى الضرر كما قيل أو احتمل بعض أنه لا يجوز التداوي بشرب الخمر ولو مع انحصار العلاج به، وأما الاضطرار إلى التصرف في الأرض المغصوبة بمقدار الخروج عبارة عن عدم القدرة على تركه فيكون كمن ألقى نفسه من شاهق في عدم قدرته في أثناء الوقوع على عدم الوقوع، فالاضطرار في الأول بمعنى دفع الضرر، وفي الثاني بمعنى عدم القدرة.
[الأمر] الثاني: (1) أنه قد مر في بعض المقدمات أنه لا تعارض بين خطاب " صل " و " لا تغصب " - بناء على الامتناع - تعارض الدليلين بما هما دليلان حاكيان كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا، بل هما من باب تزاحم المقتضيين، فيقدم الغالب منهما على الآخر وإن كان الدليل الدال على مقتضى الآخر أقوى من الدليل الدال على مقتضاه. هذا فيما إذا أحرز الغالب منهما، وإلا كان بين الخطابين تعارض، فيقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا. وبطريق الإن يحرز به أن مدلوله