كالتحسين والتقبيح العقليين، والثاني: إدراكيات العقل كحكمه بوجوب المقدمة بعد ايجاب ذي المقدمة وامتثاله مما يدرك العقل حكمه بعد ملاحظة الخطاب الشرعي. وبعبارة أخرى الأدلة العقلية تنقسم إلى قسمين: المستقلات العقلية والملازمات العقلية، والمراد بمبادىء الأحكامية هو باب الملازمات، فمن كان في كتابه مبادئ الأحكامية فينبغي إدراج هذه المسألة فيها، ومن لم يكن في كتابه باب مبادئ الأحكام فيمكن إدراجها في مباحث الألفاظ، من جهة أن البحث في هذه المسألة في الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته وعدمها.
والوجوب غالبا يستفاد من اللفظ فيناسب إدراجها في مباحث الألفاظ ويمكن إدراجها في الأدلة العقلية، لأنها من المسائل العقلية أي من ملازماتها، وهي على قسمين: ملازم لخطاب واحد كوجوب المقدمة وحرمة الضد، وملازم لخطابين مثل مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وعدم جوازه.
والحاصل أن هذه المسألة من المسائل العقلية الأصولية لا من المسائل الفرعية كما هو المتوهم من بعض العناوين (1).
ثم إنه لما كان البحث عن هذه المسألة موقوفا على تحرير محل النزاع وأن المقدمة التي يبحث عن الملازمة بينها وبين ذي المقدمة أي مقدمة؟ وأن الواجب الذي تكون بينه وبين مقدمته الملازمة أي واجب؟ وأن الوجوب الذي محل النزاع أي وجوب؟ فصار صاحب الكفاية بصدد تقسيم المقدمة أولا إلى الأقسام التي ذكرها ثم تقسيم الواجب إلى الأقسام التي ذكرها أيضا، ثم تقسيم الوجوب أيضا كذلك، فقال:
الأمر الثاني: أنه ربما تقسم المقدمة إلى أقسام: منها: تقسيمها إلى داخلية - وهي الأجزاء المأخوذة في ماهية المأمور بها - وخارجية وهي الأمور الخارجة عن ماهيته مما لا يكاد يوجد بدونه وربما يشكل كون الأجزاء مقدمة وسابقة على المركب بأن المركب ليس إلا نفس الأجزاء بالأسر. والحال أن المقدمة هي نفس