فيه وجهان:
الأول: هو العدم، وذلك لأن الأمور البسيطة التي لها آثار مترقبة تترتب عليها تارة ولا تترتب عليها أخرى لا تتصف بالصحة والفساد، بل بالوجود والعدم فيقال: هذا الشيء موجود أو ليس بموجود، ولا يقال: إنه صحيح أو فاسد إلا في المركبات التي لها آثار مترقبة يترتب عليها تارة من جهة اجتماعها للخصوصيات المعتبرة في ترتب تلك الآثار، ولا تترتب عليها آثار أخرى من جهة فقد بعض تلك الخصوصيات.
فبناء على هذا القول ما استعملت هذه الألفاظ إلا في معانيها اللغوية لا في لسان الشارع ولا في لسان المتشرعة، فلفظ الصلاة والصوم والحج وغيرها ما استعملت إلا في الدعاء والامساك والقصد، وهي أمور بسيطة لا يمكن اتصافها بالصحة والفساد، بل بالوجود والعدم بخلاف القولين الأولين، فإن هذه الألفاظ استعملت في تلك المعاني المخترعة إما حقيقة أو مجازا فيمكن أن يقع النزاع في أنها استعملت حقيقة أو مجازا في خصوص الصحيح أو الأعم، بل الظاهر عدم جريان هذا النزاع حتى على القولين الأولين فضلا عن هذا القول، لما عرفت من أن هذا النزاع إنما هو في مورد يمكن أن يكون له فرد صحيح يترتب عليه الأثر وفرد فاسد لا يترتب عليه بحيث يصدق على ذلك الفاسد أنه فاسد هذا الشيء، إذ ليس كل ما لا يترتب عليه أثر شيء أنه فاسد ذلك الشيء مثلا الأثر المقصود من العنب لا يترتب على الرمان، مع ذلك لا يقال: إنه فاسد العنب.
وإذا كان الأمر كذلك، فلا بد أن يكون الجامع هو المسمى بذلك الاسم حتى يكون له فرد صحيح وفرد فاسد، فكيف يمكن النزاع في أنه اسم للصحيح أو للأعم.
وبعبارة أخرى اتصاف الشيء بالصحة تارة وبالفساد أخرى لا يعقل إلا مع كون ذلك الشيء إسما للأعم حتى يكون الفاسد فاسد ذلك الشيء، ومع هذا فكيف يتصور النزاع في أنه اسم للصحيح أو للأعم.