متلبسا به حال الجري كان حقيقة، وإن كان متلبسا به قبل زمان الجري كان محل الخلاف، وإن كان متلبسا به بعد زمان الجري كان مجازا بلا خلاف، أو بمقايسته إلى زمان النطق، فإن كان التلبس في حاله كان حقيقة وإن كان سابقا عليه كان محل الخلاف، وإن كان لا حقا كان مجازا اتفافا؟
والحق هو الأول، لما عرفت من لزوم المجاز على هذا فيما لو قال: زيد ضارب أمس أو غدا، فيما كان الأمس والغد ظرفا للجري والاتحاد. والحال أنه ليس كذلك، ولزوم امتثال العبد للمولى فيما إذا قال له: " جئني بالشخص الضارب " إذا أتاه بمن كان ضاربا حين النطق وإن لم يكن ضاربا حين المجيء، والحال أن الأمر بالعكس. وكذا لو قال: جئني بعالم، لزم امتثاله بإتيان من كان عالما حين [النطق] وإن لم يكن عالما حين الإتيان، فتأمل ولو قيس زمان الجري أو النطق إلى زمان التلبس وقيل بأنه إن كان الجري قبل التلبس كان مجازا اتفاقا، وإن كان بعده كان محلا للخلاف، وإن كان في حاله كان حقيقة اتفاقا وهكذا زمان النطق بالنسبة إلى زمان التلبس يصير المستقبل ماضيا وبالعكس، ومحل الخلاف محل الوفاق وبالعكس.
ولعله إلى ذلك أشار من قال: إن الأزمنة الثلاثة يمكن اعتبارها بالنسبة إلى النطق وبالنسبة إلى النسبة، والمراد بها الجري والاتحاد، ورد احتمال الأول بما ذكرناه، واختار أن الأزمنة الثلاثة إنما تلاحظ بالقياس إلى النسبة، ثم ذكر احتمال ملاحظتها بالقياس إلى التلبس، ورده بأنه يصير بناء على هذا ما لم يتلبس بالمبدأ الذي اتفقوا على مجازيته ماضيا، وما تلبس بالمبدأ وانقضى عنه الذي اختلفوا في مجازيته مستقبلا.
السادس: في أنه لا أصل في نفس هذه المسألة بحيث يكون هو المعول والمرجع عند الشك في أن الموضوع له هو خصوص المتلبس بالمبدأ فعلا أو الأعم منه ومما انقضى عنه المبدأ. وكون الأصل عدم ملاحظة الخصوصية - مع أنه لا يثبت الوضع لأنه توقيفي، ولا يثبت بالأصل - معارض بأصالة عدم ملاحظة