المجاز كما قيل (1) أو أن عدم الاطراد علامة المجاز، ولكن الاطراد ليس علامة الحقيقة، لأنه يمكن أن يكون من جهة المناسبة والعلاقة لا العلقة الوضعية (2). أو أن عدم الاطراد ليس علامة المجاز أيضا كما قيل (3): والكلمات في بيان الاطراد وعدمه مضطربة.
والحق هو أن يقال: إن الاطراد عبارة عن صحة استعمال اللفظ والتعبير به عن المعنى في كل مورد تعلق الغرض بإفادة ذلك المعنى، وعدم الاطراد عبارة عن صحة استعماله فيه، والتعبير به عنه في بعض الموارد دون بعض، مثلا يصح التعبير عن الحيوان المفترس بلفظ في كل مقام تعلق الغرض بإفادته مثل: رأيت أسدا، جاءني أسد، قلت أسدا، ضربت أسدا، وهكذا. ولا يصح التعبير عن الرجل الشجاع إلا في بعض المقامات، وهو ما إذا كان في مقام المبالغة، وكذلك استعمال الإنسان في البليد واستعمال الحمار فيه، فإن الأول يصح في جميع المقامات دون الثاني، وعلى هذا يصح جعل الأول علامة الحقيقية والثاني علامة المجاز.
الثامن: في تعارض الأحوال فنقول: أما الأصول الجارية في باب الألفاظ فهي أصالة عدم التجوز والنقل والاشتراك والإضمار والتخصيص. وربما زاد بعضهم أصالة عدم التقييد والنسخ، ويعبرون عن معارضة هذه الأصول بعضها مع بعض بتعارض الأحوال. وربما يذكر لترجيح بعضها على بعض وجوه.
لا إشكال في أن بناء العقلاء على أصالة عدم التجوز فيما إذا كان الشك في المراد بأن علم المعنى الحقيقي والمعنى المجازي وشك في أن المراد هل هو أو ذاك؟ إما من جهة أن أصالة الحقيقة أصل وجودي معتبر عند العقلاء، ويحملون