الموثوق به، وأن الآيات الناهية لا تشمل خبر الثقة.
فالانصاف أن أصل بناء العقلاء وعدم ردع الشارع عنه لا إشكال فيه، وإنما الإشكال في مقدار هذا البناء، والحق أن هذا البناء منهم إنما هو فيما إذا كان الشك في البقاء من جهة وجود الرافع والمزيل وأنهم لا يعتنون بهذا الشك، وأما إذا كان الشك من جهة وجود المقتضي وعدمه فهذا البناء عندهم غير معلوم.
فتحصل: أن إنكار أصل بناء العقلاء لا وجه له، وكذلك دعوى ردع الشارع عنه بعد تسليم البناء. نعم دعوى اختصاص بناء العقلاء بما إذا كان الشك من جهة الرافع له وجه، فتأمل.
الثاني: أن الثبوت السابق موجب للظن بالبقاء.
وفيه: أن مجرد ثبوت السابق لا يقتضي الظن بالبقاء لا شخصا ولا نوعا، فإنه لا منشأ له إلا دعوى كون الغالب فيما ثبت هو الدوام بتقريب أن يقال: إن المقتضي للحكم في الآن الأول إذا كان في الآن الثاني لكان باقيا، لأن احتمال عدمه في الآن الثاني إنما هو من جهة وجود المزيل واحتمال وجوده معارض باحتمال عدمه فيبقى الحكم الثابت في الآن الأول من جهة وجود المقتضي سليما عن المعارض.
ولكن يرد عليه:
أولا: منع كون الغالب فيما ثبت هو الدوام، بل يمكن أن يدوم وأن لا يدوم.
وثانيا: لو فرض كون الغالب فيما ثبت هو الدوام منع حجية هذا الظن الحاصل من الغلبة، إذ الأصل عدم حجية الظن إلا ما ثبت حجيته بالخصوص، وما ذكر في التقريب مدفوع بأنه لو كان المقتضي مقتضيا حتى في الآن الثاني، فلا معنى للاستصحاب وإن كان مقتضيا في الآن الأول فقط، فلا معنى لاقتضائه البقاء في الآن الثاني، وإن كان مقتضيا في الجملة فيحتمل وجوده وعدمه في الآن الثاني فمن أين يحكم ببقائه فيه.
الثالث: دعوى الإجماع على حجية الاستصحاب كما عن المبادئ (1) وفيه: