مجموعهما قرينة على التصرف في كل واحد منهما أو في أحدهما المعين وهذا - أيضا - مصداق آخر، للكبرى المسلمة التي هي عبارة عن أن كل دليلين يوفق العرف بينهما بحسب ما ارتكز في أذهانهم فلا تعارض بينهما، سواء كان بالتصرف في أحدهما أو كليهما كما لا تعارض بينهما، إذا كان أحدهما حاكما أو واردا والآخر محكوما، أو مورودا فانحصر مورد التعارض المبحوث عنه بالدليلين الظنيين بحسب السند، سواء كانتا نصين بحسب الدلالة، أو ظاهرين بحسب الدلالة بحيث لا يمكن الجمع العرفي بينهما، لعدم قرينية أحدهما بالنسبة إلى الآخر أو كليهما بالنسبة إلى المجموع، أو أحدهما المعين، لأن تعارض الدليلين القطعيين لو كانا نصين بحسب الدلالة أولا لا يمكن، لأنه مستلزم لصدور المتناقضين، أو المتضادين على فرض إمكانه ووجوده فبالتعارض يصيران مجملين، ولابد من الرجوع إلى دليل أو أصل آخر ولا يترتب عليهما أحكام التعارض المبحوث عنها ولو كانا ظاهرين ولم يكن جمع عرفي بينهما، وكان تأويلهما أو أحدهما ممكنا بوجوه عديدة فحالهما حال النصين في صيرورتهما مجملين، ولزوم الرجوع إلى دليل أو أصل آخر، وإن كان تأويلهما ممكنا بوجه واحد وجب تأويلهما، أو تأويل أحدهما والجمع بينهما. وإن كان أحدهما قطعيا والآخر ظنيا، والجمع العرفي لم يمكن بينهما فلا تعارض بينهما، لأن الظني لا يعارض القطعي.
فإذا عرفت أن التعارض المبحوث عنه الذي يجري على الأحكام المقررة للمتعارضين منحصر بالدليلين الظنيين، سواء كانا نصين أو ظاهرين لا يمكن التوفيق والجمع العرفي [بينهما].
فاعلم أنه إذا تعارض نصان ظنيا السند، فهل مقتضى الأصل والقاعدة الأولية مع قطع النظر عن الأخبار العلاجية التي هي - أيضا - متعارضة ولابد لها من علاج بناء على ما هو الحق من كون حجية الأخبار من باب الطريقية والكاشفية هل هو التساقط، أو التوقف، أو التخيير؟ وجوه يحتمل الأول لأنه بعد كون المناط في حجية المتعارضين هو الكشف عن الواقع فمع التعارض لا تبقى جهة كشف عن الواقع لشيء منهما. تمت بعون الله