أركانه تماما بالنسبة إلى وجوب المقدمة وحرمة الضد فلا حاجة إلى استصحاب وجوب ذي المقدمة، لاثبات وجوب مقدمته أو وجوب أحد الضدين لحرمة ضده الآخر، حتى يتوهم أنه أصل مثبت، بل يستصحب وجوب المقدمة وحرمة الضد مستقلا.
وتوهم أن الشك في وجوب المقدمة وحرمة الضد مسبب عن الشك في وجوب ذي المقدمة ووجوب الضد، ومع جريان الأصل في ناحية السبب لا مجرى له في ناحية المسبب.
مدفوع بأن وجوب المقدمة مع وجوب ذي المقدمة، وكذا وجوب الشيء مع حرمة ضده متلازمان، ولا يرتفع الشك في أحدهما بارتفاعه في الآخر، لا أنهما من الآثار الشرعية لوجوب ذي المقدمة ووجوب الضد الآخر، بحيث يكون التعبد بالسبب تعبدا بالمسبب كالتعبد بطهارة الماء المشكوك، حيث إن أثره رفع الشك عن نجاسة الثوب المغسول به، وهذا هو الضابط في السببية والمسببية لا التلازم.
والثاني: إجراؤه في وجوب ذي المقدمة ووجوب الضد وبثبوت الوجوب لهما يثبت الوجوب للمقدمة والحرمة للضد الآخر، لأن وجوب المقدمة وحرمة الضد من اللوازم العقلية للتعبد بالشيء أعم من أن يكون التعبد به واقعيا أو ظاهريا، وإن شئت قلت: إن وجوب المقدمة وحرمة الضد في صورة التعبد الظاهري لوجوب ذي المقدمة ووجوب الضد الآخر واقعيان، كما في صورة التعبد الواقعي وإن شئت قلت: إن وجوب المقدمة وحرمة الضد لكونهما ترشحا من الحكم الظاهري ظاهريان أيضا، وهذا الوجه الأخير يتعين فيما لو كان التكليف بوجوب المقدمة أو حرمة الضد في زمان حدوث التكليف بذي المقدمة أو بأحد الضدين غير ثابت من جهة المزاحمة، فإنه حينئذ لا يمكن إجراء الاستصحاب فيهما بنفسهما فيتعين بهذا الوجه، وإلا لأمكن إثبات الحكم فيهما بكلا الوجهين.
العاشر: أنه لما كان الاستصحاب عبارة عن التعبد بالبقاء بلحاظ ترتب الأثر الشرعي على المستصحب، فلو كان المستصحب في زمان حدوثه أو تيقن وجوده