والعمدة في وجه حجية الإجماع وحصول القطع منه برأي الإمام هذه الطرق الثلاثة وإن ذكر بعض الوجوه الأخر أيضا.
الثاني: في أنه لا يخفى اختلاف نقل الإجماع فتارة ينقل ناقل الإجماع رأي الإمام (عليه السلام) في ضمن نقله الإجماع حدسا كما هو الغالب أو حسا، وهو نادر جدا، إذ هو مبني على دخول الإمام (عليه السلام) في المجمعين والعلم به في زمان الغيبة بعيد في الغاية، وفي زمان الحضور يمكن ذلك فيما إذا عرف الإمام ورأى دخوله في مجلس جماعة ثم اشتبه عليه الإمام، ولكن سمع من تمام هذه الجماعة فتوى، ففي هذه الصورة يكون اخباره عن رأي الإمام في ضمن نقل الإجماع عن حس. وأما إذا لم يعرف الإمام سابقا وقطع بوجوده فيهم من جهة الحدس فإخباره عن تلك الجماعة التي قطع بأن الإمام أحدهم وإن كان عن حس إلا أن كون الإمام فيهم ليس إلا عن حدس، فإخباره عن الإمام في ضمن نقل الإجماع بوصف كونه إماما ليس إلا عن حدس.
وأخرى لا ينقل الناقل إلا ما هو السبب عنده عقلا أو عادة أو اتفاقا من دون نقل المسبب وهو رأي الإمام (عليه السلام) لا عن حدس ولا عن حس، وألفاظ نقل الإجماع تارة تكون صريحة أو ظاهرة في نقل السبب أو المسبب وأخرى تكون مجملة من تلك الجهة.
الثالث: أنه بعد ما عرفت من أنه لا دليل على اعتبار الإجماع المنقول بالخصوص، وأنه لابد في اعتباره كذلك من شمول أدلة حجية خبر الواحد، وأنها لا تدل على حجية الخبر إلا إذا كان عن حس، فإذا كان الإجماع المنقول إخبارا عن حس فتشمله تلك الأدلة، وإلا فلا. فعلى هذا لو كان نقل الإجماع متضمنا لنقل السبب - أعني فتاوى المجمعين - والمسبب - أعني رأي الإمام (عليه السلام) - عن حس لا إشكال في حجيته لشمول أدلة حجية خبر الواحد له.
لكن نقله كذلك في زمان الغيبة موهون، لما عرفت من أن الإخبار عن رأي الإمام (عليه السلام) حسا موقوف على وجود الإمام في ضمن المجمعين ودخوله فيهم مع