ومما ذكرنا في الآية الشريفة ظهر ما في الاستدلال بآية ﴿السارق والسارقة﴾ (١) و ﴿الزاني والزانية﴾ (2) على التفصيل بين كون المشتق محكوما عليه فيكون حقيقة في الأعم، وكونه محكوما به فيكون حقيقة في خصوص المتلبس الفعلي، وذلك لأن الكلام في الآيتين عين الكلام في الآية السابقة، وأن المقصود أن من صدر عنه السرقة والزنا ولو في آن يصير محكوما بالقطع والجلد، وهذا الحكم باق وإن زال عنه الوصف مع ما في هذا التفصيل من تعدد الوضع حسب وقوعه محكوما عليه ومحكوما به، وهو واضح البطلان. وعجز المفصل عن مثل هذا الجواب عن الإشكال بأنه لو لم يكن وضع المشتق للأعم لما وجب قطع يد السارق بعد انقضاء تلبسه بالسرقة ولما وجب جلد الزاني بعد انقضاء تلبسه بالزنا أوجب ارتكاب هذا التفصيل.
بقي في المقام أمور:
الأول: أن مفهوم المشتق هل هو بسيط أو مركب؟ والمراد بالبساطة والتركيب البساطة والتركيب بحسب المفهوم لا بحسب الذات، إذ قد يكون الشيء مركبا ذاتا من الجنس والفصل والمادة والصورة، ويكون بسيطا مفهوما كالانسان - مثلا - فإن مفهومه بسيط وهو النوع الخاص الذي يعبر عنه بالبشر وفي لغة الفارسي يعبر عنه ب " آدم " وإن كان ذاته وحقيقته مركبة من الجنس والفصل.
والحاصل أن الكلام في المقام في بساطة وتركيب ما يقع في جواب ما الشارحة لا ما يقع في جواب ما الحقيقية، فالنزاع في أن مفهوم الكاتب والضاحك والناطق وأمثالها بسيط كمفهوم الانسان والبقر والحجر وأمثالها، أو أنه مركب، والحق أنه بسيط، للتبادر والوجدان، فإنا لا نجد في أنفسنا ولا نتعقل من لفظ الكاتب والناطق والأبيض إلا شيئا واحدا، وهذا في لغة الفارسي في غاية الوضوح، فإنه يعبر عن الكاتب ب " نويسنده " وعن الأبيض ب " سفيد " وعن الأسود ب " سياه "