بالحالة السابقة هو ما إذا كان الشك في البقاء من جهة الرافع لا المقتضي، والأخبار لا تدل على أزيد من ذلك، لما عرفت من أنها في مقام بيان ما ارتكز في الأذهان، كما لا يخفى.
ثم إنه لما كان من جملة الأقوال في حجية الاستصحاب التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية، فلا بأس بصرف الكلام إلى بيان أن الأحكام الوضعية هل هي مستقلة بالجعل، أو أنها منتزعة، أو بعضها مستقلة وبعضها منتزعة؟
لا يخفى أن المحمولات التي لها مساس بالشرع - كهذا واجب، أو حرام، أو صحيح، أو فاسد لا المحمولات التي لامساس لها بالشرع، كهذا ماء أو تراب - تنقسم إلى الأحكام التكليفية والوضعية عند من [يرى] الحكم الوضعي داخلا في الحكم الشرعي، ولابد من تعريفه - على هذا - بما يعم الحكم التكليفي والوضعي، مثل أن يقال: إن الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين من حيث الاقتضاء والتنجيز والصحة والفساد مثلا عند من يرى الحكم الشرعي منحصرا بالحكم التكليفي لابد من تعريفه بما لا يعم الوضعي مثل أن يقال: إن الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين من حيث الاقتضاء والتنجيز، كما أن من جعل الإباحة خارجة عن التكليف، إذ لا كلفة فيها، وجعل الحكم الشرعي منحصرا بما فيه كلفة كالأحكام الأربعة الباقية لابد من تعريفه بما لا يعم الإباحة أيضا بأن يقال: إن الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين من حيث الاقتضاء، فالتعريف يختلف باختلاف أنظار المعرفين من حيث توسعة الحكم الشرعي وتضييقه، فلا يمكن أن يجعل صدق التعريف دليلا على شمول الحكم الشرعي للأحكام الوضعية أو الإباحة، لأن هذا التعريف - على نحو يشملهما - إنما هو بمذاق من يراهما داخلين في الحكم.
ثم إن الحكم الوضعي هل هو منحصر بالخمسة أو أزيد، أو لا ينحصر بعدد مخصوص بل ما عدا الأحكام الخمسة التكليفية مما له مساس بالشرع داخل في الأحكام الوضعية؟