الشك إما أن تكون له حالة سابقة أم لا... إلى آخره (1).
وإذا عرفت أن المقصود في المقام بيان الوظائف الشرعية التي تكون مباني حركات الإنسان نحو تكاليفه الواقعية التي هي عبارة عن الأمارات والأصول، وتميز موارد الأمارات عن الأصول - وإن ذكر القطع وأحكامه استطرادي - فاعلم أن بيان أقسام القطع وأحكامه يستدعي رسم أمور:
الأول: أنه لا شبهة في وجوب العمل على طبق القطع كما أفاده (قدس سره) (2) لكن لا يخفى أن القطع له جهات ثلاث:
الأولى: انكشاف الواقع به وهذا المعنى من اللوازم الذاتية للقطع كالحرارة للنار، بل هو عين القطع، إذ لا معنى له إلا انكشاف الواقع وحضور المقطوع لدى القاطع.
الثانية: ترتيب الآثار الثابتة للمقطوع بمجرد القطع فإنه لو لم يجب ترتيبها عليه لزم التناقض والإذن في المعصية، وهو محال مع عدم التصرف في الواقع وعدم رفع اليد عنه كما هو المفروض، فإنه إذا كان وجوب الاجتناب من آثار البول الواقعي وقطع بأن هذا المايع بول لو لم يجب الاجتناب عنه وكان مرخصا في عدم الاجتناب لزوم المحذور المذكور.
الثالثة: كونها حجة بمعنى كونه قاطعا للعذر كما في الأمارات المعتبرة شرعا وإن كان بينهما فرق من جهة كون حجية القطع منجعلة وحجية الأمارات جعلية لا بمعنى الوسطية في الإثبات كما قيل، ولازم كونه حجة تحقق عنوان الإطاعة والعصيان الموجبتين لاستحقاق الثواب والعقاب على موافقته ومخالفته، كونه حجة بهذا المعنى غير وجوب ترتيب آثار الواقع، لأن حجيته بمعنى القاطعية للعذر، وتحقق عنوان الإطاعة والعصيان بموافقته ومعصيته، أي كونه موضوعا لحكم العقل بتنجز الواقع به، واستحقاق الثواب والعقاب بموافقته ومخالفته لا ربط لها بترتيب آثار الواقع.