فصل هل للعموم صيغ تخصه أم لا؟ الحق هو الأول وما ذكر في مقام الاستدلال على المنع لا ينبغي التعرض لذكره، وذلك لأن لفظ " كل " و " جميع " وما يرادفهما من سائر اللغات لا شبهة في إفادتها العموم، ولا إشكال فيها وإنما الإشكال في أن إفادتها العموم إنما هو بالوضع أو أنها كسائر الألفاظ التي تدل على العموم بمقدمات الحكمة، فقد يقال: إن دلالتها على العموم بمقدمات الحكمة، لأن لفظ " كل " مثلا لا يدل إلا على استيعاب مدخوله، سواء كان طبيعة مطلقة أو مقيدة، والمدخول ليس إلا الطبيعة اللا بشرط القابلة للإهمال والاطلاق والتقييد، ولا وضع للمجموع المركب في العموم، فمن أين تجيء الدلالة على العموم ما لم يثبت إطلاق المدخول بمقدمات الحكمة؟ وهكذا في النكرة الواقعة بعد النفي أو النهي.
ولكن الحق خلافه، وأنه لا حاجة إلى مقدمات الحكمة في إفادتها العموم، وإن شئت قلت: إن مقدمات الحكمة حاصلة. بيان ذلك: أن من جملة مقدمات الحكمة أن يكون المتكلم في مقام البيان لا الإهمال والإجمال بأن لا يكون موضوع حكمه مبينا عنده وعند المخاطب أو عند المخاطب فقط كما في قول الطبيب للمريض: " اشرب الدواء " فإنه ربما يعرف الطبيب انحراف مزاج المريض وأنه لابد من شرب الدواء، ولكن لا يعرف دواءه أي شيء؟ أو يعرف دواءه ولكن لا يريد بيانه فعلا، وهذه المقدمة لا نحتاج إليها في المقام، لأن المقصود منها هو أن