والحق التفصيل بين ما إذا ثبت التوقيت بدليل متصل كصم يوم الخميس فلا يدل على مطلوبية الفعل في خارج الوقت وبين إذا ثبت التوقيت بدليل منفصل كما إذا قال: صم، ثم قال: وليكن الصوم يوم الخميس فإنه يدل على مطلوبية أصل الفعل في خارج الوقت، ولكن النزاع في هذه المسألة ليس في دلالة الصيغة كما عرفت، بل بعد الفراغ عن دلالة الصيغة وعن تعيين المأمور به يقع النزاع في أن إتيانه هل يسقط التعبد به ثانيا أو يسقط الإعادة والقضاء ثانيا، أم لا؟ وكيف يتوهم اتحاد هذه المسألة مع مسألة تبعية القضاء للأداء؟ والحال أن النزاع في هذه المسألة في أن اتيان المأمور به هل يقتضي الإجزاء أم لا؟ والنزاع في تلك المسألة في أن الأمر بالشيء في الوقت هل يقتضي لزوم الاتيان به في خارج الوقت لو لم يأت به في الوقت؟ وبعبارة أخرى النزاع في هذه المسألة في صورة الاتيان بالمأمور به وفي تلك المسألة في صورة عدم الإتيان.
إذا عرفت هذه الأمور فاعلم أن الأمر قد يتعلق بشيء مع قطع النظر عن طرو الطوارىء والعوارض من الجهل والاضطرار ونحوهما، وقد يتعلق به بملاحظة الطوارىء والعوارض، فإن تعلق بالشيء بملاحظة الطوارىء، فإما أن يكون الطارىء هو الجهل بالحكم الواقعي، أو موضوعه، أو بهما، أو العجز عن اتيان المأمور به الواقعي من جهة اضطرار وتقية ونحوهما، وما كان الطارىء هو الجهل قد يكون هو الجهل البسيط وقد يكون هو الجهل المركب، فالأمر الذي تعلق بالشيء مع قطع النظر عن العوارض يسمى أمرا واقعيا، وما تعلق بالشيء بملاحظة طرو العجز عن الواقع يسمى أمرا اضطراريا وواقعيا ثانويا، وما تعلق بالشيء مع طرو الجهل البسيط يسمى أمرا شرعيا ظاهريا كالأمارات والأصول، وما تعلق به مع طرو الجهل المركب يسمى أمرا عقليا ظاهريا وفي الحقيقة هو ليس بأمر، بل تخيل أمر.
والكلام هنا في موضعين:
أحدهما في أن إتيان المأمور به بكل أمر هل يقتضي الإجزاء عن أمره ولا