إلى التكليف الظاهري والاضطراري كان المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء بنحو السببية والعلية، إذ ليس في اقتضاء الأمر العقلي عن الواقع أو الأمر الواقعي عن الواقع أو الأمر الظاهري عن التكليف الظاهر المستفاد من الأمر الظاهري وكذلك الأمر الاضطراري دليل حتى يكون المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء بنحو الكشف والدلالة، فلابد أن يكون المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء بنحو العلية والسببية ولابد على هذا من جعل عنوان النزاع في إتيان المأمور به كما جعله في الكفاية وأنه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟ أي يكون إتيان المأمور به سببا وعلة للإجزاء أم لا؟
نعم على هذا الاقتضاء بمعنى الدلالة في اتيان المأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري عن الأمر الواقعي يصير من مبادئ التصديقية للاقتضاء بمعنى السببية والعلية فنقول: إن اتيان المأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري سبب وعلة للإجزاء، لأن أدلتهما تدل على أن الأمر بالعمل بهما على نحو السببية والبدلية المطلقة، أو أنه ليس بسبب وعلة للإجزاء، لأن أدلتهما تدل على أن الأمر بالعمل بهما على نحو الطريقية والبدلية المقيدة، فتأمل.
ثالثها: الظاهر أن المراد بالإجزاء هنا معناه اللغوي وهو الكفاية، إلا أنه لما كان المعتبر في مفهوم الكفاية وجود ما يكتفى به وما يكتفي عنه، فبتعدد الدال والمدلول أريد اسقاط التعبد بإتيان المأمور به بالأمر الواقعي ثانيا، بل المأمور به بالأمر الظاهري والاضطراري والعقلي بالنسبة إلى أمرها أيضا واسقاط الإعادة والقضاء في إتيان المأمور به بالأمر الظاهري أو الاضطراري بالنسبة إلى الأمر الواقعي، لا أن الإجزاء له معنى اصطلاحي مغاير للمعنى اللغوي وهو اسقاط التعبد ثانيا، كما في اتيان كل مأمور به بالنسبة إلى أمره سواء كان الأمر واقعيا أو ظاهريا أو اضطراريا أو عقليا، واسقاط الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه كما في اتيان المأمور به بالأمر الظاهري أو الاضطراري بالنسبة إلى الأمر الواقعي كما توهم.