الثابت له من طرف نفسي أعني وجوب التصديق وإن لم يكن له أثر آخر ولم يثبت هذا الأثر أيضا بدليل آخر، إذ لو كان له أثر آخر أو كان ذلك الأثر ثابتا له بدليل آخر بأن يكون أمر آخر بوجوب تصديق العادل ثم ورد الأمر ثانيا بوجوب تصديقه فلا إشكال.
إنما الإشكال فيما لم يكن هنا إلا أمر واحد، إذ يصير حينئذ مثل دليل واحد كان متكفلا للحكم الواقعي والظاهري كليهما مثل كل شيء طاهر، وكل شيء حلال، وأمثالهما كما قيل فإذا دفعنا هذا الإشكال بما مر فلا موقع للإشكال الثاني، إذ كما لو أخبر عادل بأن فلانا عادل كان معنى وجوب تصديقه ترتيب آثار العدالة عليه من جواز الاقتداء به وأمثاله من الأحكام الثابتة للعادل بلا حاجة إلى إحراز العدالة أولا بالتعبد ثم ترتيب آثارها عليه، لأن العدالة التعبدية أمر منتزع من نفس ترتيب هذه الآثار، كذلك إذا أخبر عادل بأن عادلا أخبر بكذا كان معنى وجوب تصديقه ترتيب الأثر على خبره، والفرض أنه لا اثر لخبره إلا وجوب التصديق المستفاد من نفس ذلك الحكم، وفرضنا أنه لا مانع من شمول هذا الحكم للخبر الذي لا يكون له حكم آخر غير هذا الحكم، أي فرضنا شموله لنفسه ووجوب تصديقه في إخباره بأنه أخبره عادل بكذا ترتيب آثاره الشرعية.
ومن وجوب تصديقه - الذي هو عبارة عن ترتيب الآثار - ينتزع الخبرية التعبدية بلا حاجة إلى إحراز موضوع الخبر أولا بالتعبد ثم ترتيب آثار المخبر به، وهكذا فيما لو كانت الوسائط متعددة، إذ الإخبار بالإخبار ولو كان بوسائط متعددة لابد وأن ينتهي إلى أمر يكون له أثر كقول الإمام أو عدالة شخص أو طهارة شيء أو نجاسته وأمثالها، إذ لو لم يكن لما أخبر به الأخير أثر لما شمل دليل حجية خبر الواحد للخبر الأول الذي هو خبر محقق بالوجدان أيضا، كما لو قال عادل بأنه أخبرني فلان عن فلان بأن هذا الشيء جدار مع فرض أنه ليس له أثر شرعي لا معنى لوجوب تصديق خبر الأول، كما لا معنى لوجوب تصديق الأخير أيضا، ونفس وجوب تصديق المخبر الذي جاء من قبل ذلك الحكم وإن كان كافيا في