فصل اتفقوا على جواز تخصيص العام بمفهوم الموافقة كما إذا قال: لا تكرم الفساق وأكرم خدام الفساق من العلماء فإنه يستفاد من قوله: أكرم خدام الفساق من العلماء أن إكرام أنفسهم واجب بطريق أولى فيكون قوله: أكرم خدام الفساق من العلماء بمنزلة: أكرم الفساق من العلماء، ولا شك أنه أخص وأظهر من قوله:
لا تكرم الفساق فيكون مخصصا له، إلا أن يمنع أظهرية: أكرم خدام الفساق من العلماء من قوله: لا تكرم الفساق مع تسليم أظهرية أكرم الفساق من العلماء بالنسبة إلى قوله: لا تكرم الفساق.
وبعبارة أخرى يمنع كون قوله: أكرم خدام الفساق من العلماء لبيان حد الأقل أو الأكثر، وإنما اختلفوا في جواز تخصيص العام بمفهوم المخالفة على قولين:
أحدهما: تقديم العام وعدم تخصيصه بالمفهوم من جهة أن دلالة العام على العموم بالمنطوق وهو أقوى من الدلالة المفهومية، فلا يجوز رفع اليد عن الأقوى بواسطة الأضعف.
وفيه: أن المفهوم إنما ينشأ من خصوصية في المنطوق وبواسطة تلك الخصوصية المأخوذة في المنطوق يستتبعه المفهوم، ففي الحقيقة التعارض بين المنطوقين لا بين المفهوم والمنطوق. وعلى تقدير تسليمه لا نسلم أقوائية الدلالة المنطوقية بالنسبة إلى الدلالة المفهومية مطلقا، بل ربما يختلف باختلاف الموارد والمقامات، ولذلك قدموا مفهوم قوله (عليه السلام): " الماء إذا كان قدر كر لا ينجسه