وإن كان فيه خفاء في لغة العرب، إلا أنه لا فرق في محل النزاع بين اللغات.
وقد استدل المحقق الشريف مضافا إلى ما ذكرنا من التبادر والوجدان على البساطة كما نقل عن حاشية شرح المطالع (1) حيث أجاب الشارح عن الإشكال الوارد على تعريف النظر بأنه ترتيب أمور معلومة للتوصل إلى أمر مجهول، وحاصله: أن الأمور جمع ولا أقل لابد من كون المعرف أمرين فصاعدا، والحال أنه قد يحصل التعريف بمثل الناطق والضاحك مما لا تعدد فيه.
وحاصل الجواب: أن الناطق والضاحك من المشتقات ومفهوم المشتق، فالتعريف بهما تعريف بأمور لا بأمر واحد، فلا يرد الأشكال.
ورد عليه المحقق الشريف (2) وأختار أن مفهوم المشتق بسيط لا مركب، وحاصل استدلاله: أنه لو اعتبر في مفهومه الشيء بأن يكون مفهوم الناطق شيء ثبت له النطق، فإما أن يكون المراد بالشيء الشيء العام أو الشيء الخاص الذي هو مصداق الشيء العام، فإن كان المأخوذ فيه الشيء العام يلزم أخذ العرض العام في الفصل وهو ممتنع، لأن الفصل ذاتي للماهية النوعية وتقوم الماهية به، فلو كان العرض العام مأخوذا فيه - والحال أنه مأخوذ في الماهية - يلزم تقوم المعروض بالعرض، وهو محال، لأن العرض يحتاج في وجوده إلى المعروض فكيف يمكن أن يكون مقوما له؟ وإن اعتبر فيه الشيء الخاص بأن يكون مفهوم الناطق الأشياء والذوات الخارجية التي ثبت لها النطق يلزم انقلاب القضية الممكنة الخاصة إلى الضرورية فإن قولنا: الانسان ضاحك قضية ممكنة خاصة وعلى تقدير أخذ الشيء الخاص وهو ما صدق عليه الشيء العام تصير قضية [ضرورية] لأنه في قوة أن يقال: الإنسان إنسان له الضحك، وحمل الشيء على نفسه ضروري.
وقد أورد عليه صاحب الفصول بأنه يمكن لنا أن نختار الشق الأول ونجيب عن الإشكال بأن كون الناطق فصلا مبني على عرف المنطقيين حيث اعتبروه