بداعي أمرها لصار صحيحا فعليا وبعبارة أخرى أن الصحة المتنازع فيها هي الصحة التأهلية لا الصحة الفعلية، إذ لا يعقل أن تكون الصحة الناشئة من قبل الأمر معتبرة في متعلق الأمر في الرتبة السابقة على الأمر.
الثالث: لابد على كل من القول بالصحيحي والأعمي من تصوير جامع بين الأفراد الصحيحة أو الأعم ليكون هو الموضوع له، إذا القول بالاشتراك اللفظي على كل من القولين، مع أن الجزئيات غير محصورة، والقول بكون الموضوع له هي الجزئيات من باب الوضع العام والموضوع له الخاص وإن أمكن إلا أنه مشترك مع القول بكون الوضع والموضوع له كلاهما عاملين في الاحتياج إلى تصوير الجامع، إلا أن الجامع هو نفس الموضوع له على أحدهما وجزئياته على الآخر.
فكل من القائلين بالصحيحي أو الأعمي ملتزمين (1) بأنه لابد من تصوير الجامع، إلا أن الصحيحي يتصور الجامع بين الافراد الصحيحة ويتأبى عن تصويره على القول الأخر، والأعمي بالعكس، وصاحب الكفاية (قدس سره) مال إلى القول بكون الألفاظ موضوعة للصحيحة، وقال: لا إشكال في تصوير الجامع على هذا القول، وإمكان الإشارة إليه بخواصه وآثاره، فإن الأفراد الصحيحة كلها مشتركة في كونها ناهية عن الفحشاء، وكونها معراج المؤمن. والاشتراك في الأثر كاشف بالبرهان الإني عن الاشتراك في المؤثر، فالجامع بينهما ما يكون ناهيا عن الفحشاء ومعراجا للمؤمن وإن لم نعرفه بحقيقته وماهيته، وتكفي معرفته بخواصه وآثاره التي من جملتها الناهية عن الفحشاء ومعراج المؤمن.
فيصح أن يقال: إن الموضوع له للفظ الصلاة ما يكون ناهيا عن الفحشاء، أو معراجا للمؤمن وهو وإن لم يكن معلوما لنا بكنهه لكنه معلوم بآثاره ولوازمه.
ثم تصدى لدفع الإشكال الوارد على تصوير الجامع الذي حاصله: أن الجامع إما أن يكون أمرا مركبا أو بسيطا. فإن كان مركبا فكل ما يفرض يمكن أن يكون صحيحا بالنسبة إلى شخص وفاسدا بالنسبة إلى شخص آخر.