اعتبار أصالة عدم القرينة في مورد الشك في المراد مع العلم بالوضع إن قلنا بأن أصالة الحقيقة ليست أصلا وجوديا، بل مرجعها إلى أصالة عدم القرينة كما نسب إلى الشيخ (قدس سره)، وإلا ففي هذا المورد أيضا لا يتمسك بأصالة عدم القرينة التي هي من الأصول العدمية، بل بأصالة الحقيقة التي هي من الأصول الوجودية التي بناء العقلاء على الأخذ بها كسائر الأمور الارتكازية التي أودعها الله تعالى فيهم وإن لم يكن منشؤه معلوما لنا.
والحاصل: أنه بعد أن دلالة الألفاظ على المعاني ليست ذاتية كما قيل، لأن نسبة اللفظ إلى جميع المعاني على حد سواء، بل لا يعقل أن يكون الدلالة من هذه الجهة بالنسبة إلى الألفاظ المشتركة بين الضدين، ولذا وجهوا كلام هذا القائل بأن مراده أن الدلالة من جهة المناسبة الذاتية التي بين اللفظ والمعنى، فالواضع وضع للمعنى الذي له شدة اللفظ الذي له شدة أيضا كالقصم للكسر الذي له صوت، وللمعنى الذي ليس له شدة اللفظ الذي هو كذلك كالقضم للكسر الذي ليس له صوت، فلابد من الانتهاء إلى الوضع، وإذا يتبادر المعنى إلى الذهن من حاق اللفظ مع قطع النظر عن الأمور الخارجية الحالية أو المقالية فلابد أن يكون من جهة العلقة الوضعية، وإلا فلم لا يتبادر غيره مع تساوي نسبته إليهما؟
ومن جملتها: صحة السلب وعدمها، وبعبارة أخرى صحة النفي وعدمها، ومرجع صحة السلب أو النفي إلى عدم صحة الحمل، ومرجع عدم صحة السلب أو النفي إلى صحة الحمل، فالأول علامة المجاز والثاني علامة الحقيقة.
ثم إن الشك قد يكون في المصداق مع تبين المفهوم بحدوده، كما إذا شك في مائع مخصوص أنه ماء أو جلاب (1) مثلا، وقد يكون في الصدق وهو يرجع إلى الشك في سعة المفهوم وضيقه كما إذا شك في صدق الماء على ما امتزج بالتراب مثلا بحيث يشك في صدق الماء عليه، وقد يكون الشك في المفهوم كما إذا شك في أن اللفظ موضوع لهذا المعنى أم لا؟