معارض باستصحاب الحكم الفعلي، فإن العنب كما أنه محكوم بالحرمة - على تقدير الغليان - كذلك محكوم بالحلية المطلقة فيجري الاستصحابان ويتعارضان.
وأجيب عن الأول بأن ثبوت كل شيء بحسبه فثبوت الحكم انما هو بتحققه في وعاء الاعتبار، ولا ريب في أن الأحكام الشرعية والخطابات المولوية على قسمين مطلقة ومعلقة، فكما أن القسم الأول ثابت في ذلك الوعاء ويجوز استصحابه عند الشك كذلك الثاني.
وعن الثاني بأنه لا تنافي بين الحرمة المعلقة والحلية المطلقة، إذ كما أن الأولى مشروطة بالغليان كذلك الثانية مغياة به، فكما أن في حال العنبية هذين الحكمين ثابتان بالقطع، ولا تنافي بينهما، وبمجرد الغليان تزول الحلية المطلقة وتصير الحرمة المعلقة فعلية كذلك إذا أتينا بالاستصحاب كما في حال الزبيبية بمجرد حصول الغليان تزول الحلية وتعرض الحرمة من جهة اتحاد الشك في الحرمة المعلقة مع الشك في الحلية المطلقة لا من جهة الحكومة، وأن استصحاب الحرمة المعلقة حاكم على استصحاب الحلية المطلقة كما قيل.
وقد يشكل في المقام بأن الحرمة معلقة على العصير، والزبيب لا عصير له إلا بالنقع في الماء، ولا يصدق عليه العصير وهذا لا يخلو عن وجه.
السادس: أنه لا فرق في المتيقن السابق بين أن يكون من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة إذا شك في بقائه وارتفاعه من جهة احتمال نسخه في هذه الشريعة، لعموم أدلة الاستصحاب.
وتوهم اختلال أركانه في ما كان المتيقن من أحكام الشريعة السابقة إما لعدم اليقين بثبوتها في حق أهل هذه الشريعة، وإن علم بثبوتها في حق غيرهم فلا شك في بقائها أيضا، بل في ثبوت مثلها كما لا يخفى، وإما لليقين بارتفاعها بنسخ الشريعة السابقة بهذه الشريعة فلا شك في بقائها حينئذ، ولو سلم اليقين بثبوتها في حقهم.
مدفوع بأن الأحكام الشرعية من قبيل القضايا الحقيقية التي حكم فيها على