أن تحصيل الإجماع في تلك المسألة التي لها مبان مختلفة في غاية الإشكال لو فرض حصول الاتفاق فضلا عما إذا لم يكن اتفاق. ونقل الاجماع مع أن حجيته محل الخلاف موهون هنا، من جهة ما ذكر من الاختلاف في المبنى.
الرابع: من الأدلة - وهي العمدة في الباب - الأخبار المستفيضة:
منها:
صحيحة زرارة، قال: قلت له: الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة أو الخفقتان عليه الوضوء؟ قال (عليه السلام): يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن وإذا نامت العين والقلب والأذن فقد وجب الوضوء، قلت: فإن حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم به؟ قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بين، وإلا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك أبدا وإنما تنقضه بيقين آخر (1).
وهذه الرواية وإن كانت مضمرة إلا أن إضمارها لا يضر باعتبارها، حيث كان إضمارها من مثل زرارة وهو ممن لا يكاد أن يستفتي غير الإمام (عليه السلام) سيما مع هذا الاهتمام، وصدر الرواية لا ربط له بمسألة حجية الاستصحاب فإنه سؤال عن الشبهة الحكمية بأن الخفقة والخفقتان من مراتب النوم الناقضة للوضوء فيما إذا كان النوم ذو مراتب بعضها متيقن الناقضية وبعضها مشكوك الناقضية، أو سؤال عن تحقق موضوع النوم بالخفقة أو الخفقتين مع كون النوم ذا مرتبة واحدة، فأجابه الامام (عليه السلام) بأن الخفقة والخفقتين ليستا من مراتب النوم الناقض للوضوء أو ليستا من موضوع النوم الموجب له، ثم يبين (عليه السلام) بأن النوم الناقض له أو النوم مطلقا - بناء على كونه ناقضا مطلقا وذا مرتبة واحدة - لا يتحقق بنوم العين، بل بنوم العين والأذن، بل القلب - كما في بعض الكتب - ثم سأله عن تحريك شيء في جنبه هل يكون من علائم النوم أم لا، فقال الإمام (عليه السلام): " لا حتى يستيقن أنه قد نام " ثم أكده (عليه السلام) بقوله: " حتى يجيء من ذلك أمر بين " وإنما المربوط بمسألة حجية الاستصحاب ذيل الرواية.