الامتنان هو الأول، إذ لا منة في رفع الحكم بالنسبة إلى غير المتضرر، وعليه بنوا في العبادات، ولكن في المعاملات اعتبروا الضرر النوعي، ولعله من جهة تنزيل الضرر النوعي منزلة الشخصي كما قيل، أو من جهة كون الضرر فيها حكمة للتشريع، أو أن المدرك فيها غير " لا ضرر " من النص أو الإجماع وإن تمسكوا ب " لا ضرر " تأييدا، فتأمل.
السادسة: في بيان أن المراد من نفي الضرر هو النفي على نحو العزيمة أو الرخصة: مقتضى الحكومة وخروج مورد الضرر عن تحت العمومات الأوليه هو الأول، ولذا قالوا ببطلان العبادة المتضرر بها مع العلم بالضرر، ومقتضى كونه في مقام الامتنان هو الثاني، إذ لا منة في الحكم بالبطلان والإعادة أو القضاء، وقد حكم بعض بالثاني في " لا حرج " ولم يحكم به في " لا ضرر "، والحال أنه بحسب الظاهر لافرق بينهما، فتأمل.
السابعة: في بيان حكم تعارض الضررين: لا يخفى أنه إذا تعارض الضرران بالنسبة إلى شخص واحد فإن كان أحدهما دنيويا والآخر أخرويا فإن لم يكن على الضرر الأخروي دليل قطعي وأمكن فيه الرجوع إلى البراءة فيقدم الدنيوي، وإلا فيقدم الأخروي وإن [كان] كلاهما دنيويا فإن كان أحدهما أقل من الآخر فيقدم، وإلا يتخير.
وإذا تعارض الضرران بالنسبة إلى شخصين فهل يقدم الأقل أيضا، إذ مقتضى الامتنان وكون العباد كلهم بالنسبة إليه تعالى بمنزلة عبد واحد ذلك، ومع التساوي ترجع إلى العمومات إن كانت، وإلا فالقرعة ولازم اعتبار الخصوصيات الأخر من حيث الشخص فقرا وغناءا ورفعة وضعة وغيره، أم لا، إذ لا منة بالنسبة إلى صاحب الضرر الأقل لو ألزم بتحمله، مع أن نسبة " لا ضرر " إليهما على حد سواء؟
وجهان.
هذا تمام الكلام في هذه القاعدة إجمالا، وتفصيل الكلام فيها يقتضي مجالا واسعا رب وفقنا بحق محمد وآله الطاهرين صلواتك عليهم أجمعين.