الموافقة وحرمة المخالفة بين أن يكون أطرافه تدريجية أو غير تدريجية، إذ التدرج لا يمنع عن الفعلية، ضرورة أن التكليف كما يصح بالنسبة إلى الأمر الحالي كذلك يصح بالنسبة إلى الأمر الاستقبالي كالحج في الموسم للمستطيع، فافهم تنبيهات الأول: أنه لا إشكال في أن الاضطرار من الطوراىء التي يوجب عدم فعلية التكليف لو كان سابقا على التكليف ويوجب رفعها لو كان حادثا بعدها مثل الخروج عن محل الابتلاء، فكما أن الاضطرار مانع عن فعلية التكليف حدوثا وبقاء فيما لو حدث الاضطرار بالنسبة إلى متعلق التكليف إذا كان معلوما بالتفصيل، كذلك مانع عن الفعلية فيما لو حدث بالنسبة إلى متعلق التكليف إذا كان معلوما بالإجمال فإن كان الاضطرار إلى جميع أطراف المعلوم بالإجمال فلا إشكال في كونه مانعا عن فعلية التكليف، سواء كان الاضطرار قبل حدوث العلم الإجمالي أو بعده أو مقارنا معه، وإن كان الاضطرار إلى بعض معين منها.
فإن كان قبل حدوث العلم الإجمالي أو معه فالظاهر كما أفاده الشيخ (قدس سره) (1) وقرره في الكفاية (2) عدم وجوب الاجتناب عن الباقي لرجوعه إلى عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي، لاحتمال كون المحرم هو المضطر إليه، وإن كان بعده فالظاهر كما أفاده الشيخ (قدس سره) وجوب الاجتناب عن الباقي، لأن التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي قد تنجز، ولازمه الاجتناب عن تمام الأطراف تحصيلا للعلم بالاجتناب عن الحرام الواقعي، وإذا أذن الشارع في ارتكاب بعض الأطراف لدفع الضرورة فمرجع إذنه إلى اكتفاء الشارع في امتثال ذلك التكليف بالاجتناب عن بعض الأطراف، وإن خالفه في الكفاية (3) في هذه الصورة وألحقها بالصورتين الأوليين في عدم وجوب الاجتناب عن الباقي،