عدم المرجح لأحد العامين يرجع إلى أصالة عدم الحجية.
ويمكن أن يجاب عنه بأن اندراج مورد الاجتماع تحت عموم السيرة أظهر من اندراجه تحت منطوق الآية، أو يقال بأن بين منطوق الآية ومقتضى السيرة عموم مطلق لامن وجه، وذلك لأن مقتضى منطوق الآية ليس عدم جواز العمل بخبر الفاسق مطلقا، بل بخبر الفاسق الذي لم يتبين عنه، والتبين أعم من تحصيل العلم بصدقه أو الاطمئنان الذي هو كالعلم وحصول التبين الذي هو مجوز للعمل بخبر الفاسق أعم من أن يكون من نفس الخبر أو من الخارج. وخبر الفاسق الذي لا يجوز العمل به بمقتضى منطوق آية النبأ ليس خبر مطلق الفاسق حتى يصير التعارض بينه وبين حجية خبر الثقة بمقتضى السيرة عموما من وجه، بل خبر الفاسق الذي لم يكن موثوقا به وهو أخص مطلقا من عموم السيرة على حجية خبر الثقة، فمنطوق الآية هو أنه لا يجوز العمل بخبر الفاسق الذي لم يكن متبينا أي موثوقا به، ومقتضى السيرة أنه يجوز العمل بخبر الثقة، سواء كان فاسقا أم لا، ولا تعارض بينهما فتأمل.
وأما دليل العقل فهو من وجوه: بعضها مختص بإثبات حجية خبر الواحد وبعضها يثبت حجية مطلق الظن أو الظن في الجملة فيدخل فيه خبر الواحد.
أما الأول فتقريره من وجوه:
أولها: ما أعتمد عليه الشيخ (قدس سره) سابقا وهو أنه لا شك للمتتبع في أحوال الرواة المذكورة في تراجمهم في أن أكثر الأخبار بل جلها إلا ما شذ وندر صادرة عن الأئمة (عليهم السلام) وهذا يظهر بعد التأمل في كيفية ورودها إلينا وكيفية اهتمام أرباب الكتب من المشايخ الثلاثة ومن تقدمهم في تنقيح ما أودعوه في كتبهم وعدم الاكتفاء بأخذ الرواية من كتاب وايداعها في تصانيفهم حذرا من كون ذلك مدسوسا فيه من بعض الكذابين (1). واقتصارهم على ما سمعوه من صاحب الكتاب ولو بالواسطة، كما يشهد بذلك ما حكي عن أحمد بن محمد بن عيسى أنه جاء إلى