فهو استعمال ليس بحقيقة ولا مجاز.
الثالث:
في أن صحة استعمال اللفظ فيما يناسب الموضوع له هو بالوضع أو بالطبع.
ولا بأس بذكر كلام وهو: أنه كما قيل [عن] السكاكي (1) في الاستعارة التي هي أحد أقسام المجاز مثل قوله: " رأيت أسدا " وأراد من الأسد أن الأسد ما استعمل إلا في معناه الحقيقي وهو الحيوان المفترس، إلا أن تطبيقه على الرجل إنما هو بالإدعاء، ولذا تفيد المبالغة والتأكيد بخلاف ما لو قال: رأيت رجلا شجاعا، ولو كان لفظ الأسد مستعملا في الرجل الشجاع بأن كان قوله: رأيت أسدا أي رجلا شجاعا لما يفيد الفوائد التي تترتب على الاستعارة، وهذا في الواقع كذب، لأنه قال: رأيت أسدا واستعمل لفظ الأسد في معناه الحقيقي وطبقه على الرجل الشجاع، إلا أنه ليس كذبا مستهجنا، بل يكون مستحسنا واستعمال لفظ الأسد في الاستعارة في معناه الحقيقي كاستعماله فيه كذبا بلا استعارة، فإنه لو قال:
رأيت أسدا وفي الواقع كان كاذبا لا إشكال في أنه استعمل لفظ الأسد في معناه الحقيقي كذلك في صورة الاستعارة، والفرق بينهما بقبح الكذب وحسنه، وهذا القول في الاستعارة صحيح، ولا ينبغي الإشكال فيه ولو فتح أحد باب هذا الاحتمال في باقي أقسام مجاز المرسل كما فتحه السكاكي (2) بالنسبة إلى الاستعارة لا بعد فيه ولا مانع منه، فتدبر.
ثم إن صحة هذا النوع من الاستعمال سواء قلنا بأنه استعمال في غير ما وضع له أو قلنا بأنه استعمال في ما وضع له وطبق على غير ما وضع له ادعاء كما يقوله السكاكي في الاستعارة (3) هل هي متوقفة على ترخيص الواضع شخصا كما نسب إلى بعض أن وضع المجازات شخصي كالحقائق، أو نوعا كما هو المشهور؟ فإنه لو