أمره ونهيه مختلفان، والمكلف إنما جمعهما في شيء واحد بسوء اختياره، وأما الواحد الإضافي فهو كلي وإن كانت دائرته ضيقة بالنسبة إلى ما فوقه والكلي لا يمكن إلا أن يكون متعلقا لحكم واحد، وإلا لزم اجتماع الحكمين المتضادين من طرف الشارع، وهو محال.
والحاصل: أنه يمكن أن يتعلق الأمر بكلي الصلاة والنهي بكلي الغصب، ويجمعهما المكلف في شيء واحد بسوء اختياره، فيكون من اجتماع الأمر والنهي المأموري. ولا يمكن أن يتعلق الأمر والنهي بكلي الصلاة في الدار المغصوبة التي هي جزئي إضافي لأنها كلي كسائر الكليات، ولا تكون إلا متعلقة لحكم واحد، وإلا يلزم اجتماع الأمر والنهي الآمري، وهو تكليف محال فضلا عن كونه تكليفا بالمحال.
الثالث: أن الفرق بين هذه المسألة ومسألة النهي عن العبادة واضح، إذ هما مختلفتان موضوعا ومحمولا، ولا ربط لإحداهما بالأخرى، فإن الموضوع في هذه المسألة اجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد المعنون بعنوانين، والمحمول هو الجواز وعدم الجواز بخلاف تلك المسألة، فإن الموضوع فيها تعلق النهي بالعبادة والمحمول هو اقتضاء الفساد وعدمه. نعم مسألة الاجتماع بناء على امتناعه وتغليب جانب النهي تكون من صغريات مسألة النهي في العبادة.
الرابع: أن هذه المسألة فقهية أو كلامية أو أصولية، وعلى تقدير كونها أصولية هل هي من المبادئ الأحكامية، أو من المسائل الأصولية؟
لا إشكال في عدم كونها فقهية بهذا العنوان الذي عنونت هذه المسألة في كلماتهم، لأن المسألة الفقهية ما يبحث فيها عن عوارض أفعال المكلفين والبحث في هذه المسألة ليس كذلك، ولكن يمكن جعلها فقهية بتغيير العنوان.
وأما كونها مسألة كلامية فيمكن منع كونها كلامية:
أولا: من جهة أن المسألة الكلامية ما كان البحث فيها عن ذات الواجب وصفاته، وهذه المسألة ليست كذلك. وعلى تقدير تسليم كونها كلامية وأن البحث فيها راجع إلى البحث عن ما يصح على الواجب وعن ما لا يصح عليه منع منافاة